والمقصود من هذا: إذا عرف الإنسان البشرية التي عليها أنبياء الله ورسله شرع له بعد ذلك أن يهتدي بهديهم ويقتفي آثارهم، ويعلم أن الخير كله في اتباع ملتهم، ونهج سننهم وهديهم عليهم الصلاة والسلام.
وحكى الله عن إسماعيل أنه كان يأمر أهله بالصلاة والزكاة، وكان صادق الوعد، فأخبر الله عن سلوكه مع ربه وسلوكه مع الخلق، فلما حافظ على الصلاة سهل عليه بعد ذلك أن يحافظ على وعوده مع الخلق.
وذكر الله أيوب وأخبر أنه ابتلاه، وأنه بقي يحسن الظن بربه، وكان يلجأ إلى مولاه حتى أنبع الله تحت قدميه عيناً {ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ} [ص:42].
وحكى الله جل وعلا عن لوط أن قومه تآمروا عليه فقال عَجِلاً: {أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ} [هود:80]، ولقد كان يأوي إلى ركن شديد عليه الصلاة والسلام، فطمأنته الملائكة: {إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ} [هود:81].
وحكى الله عن داود أنه كان يقوم الليل، ويكثر من الصيام كما أخبر نبينا صلى الله عليه وسلم.
فتنوع هديهم، وتغير حالهم والأعراف التي نشئوا عليها، فاستعصموا واستمسكوا جميعاً بتوحيد الله، فيعبدوا رباً واحداً لا إله إلا هو، قال الله عنهم بعد أن ذكرهم جملة: {إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ} [الأنبياء:92]، ثم ختم الله النبوات وأتم الرسالات برسالة صفوة الخلق محمد صلوات الله وسلامه عليه.