بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله رب العالمين حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه كما يحب ربنا ويرضى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله، آخر الأنبياء في الدنيا عصراً وأرفعهم وأجلهم يوم القيامة شأناً وذكراً، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، وعلى سائر من اقتفى أثره واتبع منهجه بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد: فإن المؤمنين متفقون على أن النبي صلى الله عليه وسلم ربى أكمل جيل وأمثل رعيل, كانوا شامة في جبين الأيام وتاجاً في مفرق الأعوام, حتى قال عنهم الشاعر العربي: الله يعلم ما قلبت سيرتهم يوماً وأخطأ دمع العين مجراه فأصحاب محمد صلوات الله وسلامه عليه بهم نصر الله جل وعلا الدين وأعز الملة, نشئوا في مدرسة محمد صلوات الله وسلامه عليه, فهم المطعمون المنفقون الشاكرون في السراء, وهم الثابتون الصابرون في الضراء والبأساء {وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا} [الأحزاب:22].
أن من ينشد الحياة السعيدة لن يجدها ظاهرة بينة واضحة كما يجدها في حياة محمد صلوات الله وسلامه عليه وأصحابه رضوان الله تعالى عليهم أجمعين, والحديث عن تلك القمم الشامخة حديث يطول, ولكننا نحاول أن نقف على بعض أجزاء منه, إن تعذر علينا أن نقف عليه كله.
إن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم وذلك الجيل الأمثل والرعيل الأكمل كانت فيهم صفات عدة, ومن عظمة السيرة وما حفلت به أنه يمكن أن يتدارسها الناس من عدة طرائق؛ لأنك لا تدرس فيها شيئاً خفياً لتظهره, وإنما هي ظاهرة بينة واضحة كالشمس المشرقة, وإنما ينهل منها الواردون, ويستقي منها الطالبون, وكل يوفقه الله جل وعلا ولو إلى حيز -بحسب دوره في المجتمع- من سيرة نبينا صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضوان الله تعالى عليهم.