خامساًً: أن الشيخ رجل العامة

وأنا أطرح هذه الأشياء على غير ترتيب؛ لأنه لا يعنيني الترتيب بقدر ما يعنيني تعميم الفائدة.

إنه رجل العامة، منذ أن كان قاضياً في الخرج وإلى اليوم؛ لا يحجب الناس دونه، ليس عنده حجاب، وليس على بابه بواب، في مجلسه السوقة والأمراء، والكبار والصغار، والعوام والعلماء وطلاب العلم، لم يحتجب بهيبة العلم على وجود الهيبة والوقار على محياه، ولم تشغله أيضاً معاناة أمور الناس ومشاكلهم اليومية عن مواصلة الطلب والبحث، فهو لا يزال طالباً باحثاً في العلم.

الشيخ عبد العزيز يعيش مع العامة في مشاكلهم اليومية، وحاجاتهم المادية، وأمورهم الدنيوية، وفي مشاكلهم الاجتماعية.

ولذلك أصبح قريباً من نفوس الناس، لا تجد أنه يقول: هذا لا يعنيني، وهذا لا يخصني، أو إذا أتيته قال: اذهب إلى فلان، أو اذهب إلى علان، فهو يرى أن كل من قصده في شيء فحقه عليه أن يتقبل شكواه ويبذل وسعه على الأقل في شفاعة، يكتب له إلى فلان وعلان، أو إلى هذه الجهة أو إلى تلك، أو يبذل له هو ما يستطيع.

ولذلك يصح أن يطلق عليه (رجل عامة) ونحن نحتاج إلى هذا النمط من العلماء والدعاة وطلاب العلم الذين لا يحتجبون عن العوام، صحيح أننا لا نطالب أن يجعل الإنسان كل وقته للناس، فهذا أمر صعب فلكل إنسان خصوصياته، وأوقاته وظروفه، وهو يحتاج إلى وقت للتعلم وللقراءة، ووقت للتعليم وللتحضير، ووقت للفتوى إلى غير ذلك.

ولكن ينبغي أن يكون هناك أوقات، وأن يكون هناك استعداد نفسي وشخصي لتقبل مشاكل العامة، والبشاشة في وجوههم، والسؤال عن أحوالهم، ومواجهة مشكلاتهم، وبذل المستطاع في حلها، وهذا النمط من العلماء -أيها الإخوة- هم القواد الحقيقيون للمجتمع.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015