الأمر الثالث: ومن الأمور التي يقضون بها أوقات فراغهم: حضور المباريات الرياضية وتشجيعها، والخروج بعد هذه المباراة، أو تلك في طوابير متواصلة في الشوارع، لقد أصبحت الكرة -مع الأسف الشديد- جزءاً لا يتجزأ من حياة البعض، حتى من كبار السن، والأب -في بعض الحالات- أصبح حريصاً على أن يصبغ أبناءه بصبغة الفريق الذي يشجعه وينتمي إليه، وكذلك يصبغ بنته بهذه الصبغة، لكن قد لا تجده حريصاً على صبغه بالدين والمحافظة على الصلوات؛ لأن الأب نفسه قد يكون هو الآخر مقصراً في أداء الصلوات مع الجماعة، قد يؤديها في المنزل، وقد يفرط حتى في أدائها في المنزل، وقد يمر وقت الصلاة وهو قاعد على المدرج، أو مشغول بحمى التشجيع، ومرارة الهزيمة، أو فرحة الانتصار، فلا يؤدي الصلاة والعياذ بالله.
في الأسبوع الماضي جاءتني من ضمن الأسئلة ورقتان فيهما سؤال مكرر عن أحد مشجعي الأندية يقول: سأله صحفي في أحد الجرائد! ما تصرفك لو وجدت أن أحد أبنائك يشجع نادياً غير النادي الذي تنتسب إليه؟ فقال الأب: لو وجدت أن أحد أبنائي يشجع فريقاً آخر غير فريقي لتبرأت منه، إلى هذا الحد!! كم واحد مستعد، لا أقول يتبرأ من ولده من أجل الدين؟! لكن أن يناصح ولده، أن يبذل الوسيلة المطلوبة لإصلاح الولد، أن يحثه على أداء الصلوات، أن يوفر له أسباب الهداية، أن يحول بينه وبين أسباب الفساد؟ الجواب معروف! ثم يظهر الهوس الجنوني بعد هذه المباراة في الشوارع العامة، وعبر صرير الكفرات من التفحيط، وعبر منبهات الصوت التي تزعج الغادين والرائحين، وعبر الزخم الهائل الذي يذكرك بقول الشاعر في القصيدة التي أهداها المراسل المجهول وهي قصيدة مشهورة: عربات تدفقت تشبه الهائج الخضم وعليها تكومت زمرٌ طيشها احتدم وعلى كل قبضة راية زاحمت علم حشر الناس تحتها أمم إثرها أمم ماجت الأرض بالورود ووداع الفحيط حم فتساءلت والأسى يمضغ القلب والألم هل فلسطين حررت وقطاف العناء تم أم بكابول دمرت قوة الملحد الأذم أم قضت محنة الجياع وغياث الرخاء عم قيل لا بل فريقنا فاز في لعبة القدم