ثمة سبب آخر أكثر قرباً، وهو الفاصل العميق، والحاجز الصفيق بين هؤلاء الشباب والمجتمع، فهم لا يدرون ما يدور في أوساط الآخرين، ولا يعرفون ماذا عند الناس، وخاصة الطيبين.
خذ مثلاً نشاط جماعة تحفيظ القرآن الكريم عندنا في القصيم، وفي أنحاء المملكة كلها، نشاط واسع منقطع النظير، وغالب رواد هذا النشاط من طلاب المدارس الثانوية، والمتوسطة، والجامعة وغيرها، ومع ذلك تجد كثيراً من هؤلاء الشباب لا يعرفون عن نشاط تحفيظ القرآن الكريم شيئاً، أو لا يعرفون عنه إلا اليسير، وبالدقة كانت نسبة (85%) من شباب أجري عليهم استفتاء، أو استبانة لا يعرفون شيئاً أبداً عن نشاط جماعة تحفيظ القرآن الكريم، على حين (5%) كانوا يعرفون عن هذا النشاط؛ لأنهم التحقوا به يوماً من الأيام، أما (10%) فربما عرفوا شيئاً عنه من خلال ما يسمعون.
مثلٌ آخر: الدروس العلمية التي أصبحت اليوم في كل حي، بل في كل مسجد، وبصورة تبشر بخير كثير، وأصبح روادها بالعشرات بل بالمئات، ومع ذلك بسؤال بعض هؤلاء الشباب عن هذا النشاط، وعن الشيوخ، والأساتذة القائمين عليه، تبين أن كثيراً منهم لا يدركون منه شيئاً، وقل مثل ذلك في الندوات والمحاضرات وغيرها.
إذاً: هم يجهلون ماذا عندنا؟! ماذا عند الجمعيات والمؤسسات الخيرية؟! ماذا عند الشباب الطيبين؟! ولذلك لابد من إثارة القضية أمام المجتمع، وأمام من يملك أن يصنع شيئاً لكسر هذا الحاجز، ومد الجسور مع هذا القطاع المهم من المجتمع، وإزالة القصور الإعلامي لدى العلماء والدعاة، القصور في إيصال حقيقة النشاطات التي يقوم العلماء والدعاة إلى أوساط أولئك الشباب الذين يقضون جزءاً غير قليل من حياتهم في الشوارع، أو على الأرصفة، أو في المنتديات، أو في المطاعم، أو غيرها.
إن أفلحنا في إشعار المجتمع بأن هناك قضية تستحق الدراسة من الآباء، من التربويين، من أولياء الأمور، من الدعاة والعلماء والغيورين من الأسر، فإننا نكون قد نجحنا فيما نريد، هذه الشريحة من الشباب ليست محصورة في بلد معين، ولا في منطقة معينة كلا، بل كما يقول المثل العربي: (في كل واد بنو سعد) .