السبب التاسع: عدم تمييز العدو من الصديق:- فاليهود -مثلاً- والنصارى أعداء، والمنافقون والمشركون أعداء، فمن المؤسف أن المسلم تتحول عداوته لهؤلاء إلى ثقة وصداقة، ويصبحون إخواناً وحلفاء وأعواناً لنا في كثير من الأوقات، فتختلط عندنا الأمور ولا نميز بين العدو والصديق! ولو أردتُ أن أتكلم عن كيد اليهود والنصارى والمنافقين للمسلمين، فأعتقد أن هذا أمر يطول، لكن أعطيكم عناوين فقط.
فمثلاً: ضد الرسول صلى الله عليه وسلم: كم مؤامرةِ حاكها اليهود ضد الرسول صلى الله عليه وسلم؟ ضد أبي بكر رضي الله عنه: دورهم في حروب الردة.
ضدَّ عمر: وآخرها مقتل عمر رضي الله عنه، ومواقفهم مع الفرس في حركات الفتوح.
ضد عثمان: وكان مقتله بمؤامرة يهودية.
ونشوء الفِرَق الإسلامية من الرافضة، والخوارج، وغيرها: لليهود والنصارى دور بارز في مثل هذه الأحداث.
وفي الأندلس: دور اليهود والنصارى بارز معروف، وكان من أهم أسباب سقوط الأندلس تولية اليهود الوزارة، واستخدامهم، والثقة بهم، وكانوا عوناً لإخوانهم النصارى على المسلمين.
وكذلك العثمانيون: فمن أهم أسباب سقوط دولة بني عثمان، أنها وثقت باليهود والنصارى في مجالات كثيرة، وكانت تعطيهم بعض المناصب.
فمثلاً: السلطان محمد الفاتح على الرغم من أنه من خير أمراء بني عثمان وقوادهم، إلا أنه وثق بيهودي، كيف وثق به؟! وثق به لأنه أصبح طبيباً عنده، وهذا اليهودي تظاهر بالإسلام وسمى نفسه يعقوب باشا، وصار هو الطبيبَ الخاص للسلطان محمد الفاتح الذي فتحت القسطنطينية على يديه، فدس له نوعاً من السم يسمى العاقور! وهو سم مفعوله قوي وفعال وسريع، وهو بلون الماء، فدس له السم فشربه وقتله!! ومع ذلك فعدد من الخلفاء وثقوا باليهود والنصارى، وولوهم ولايات كبيرة تصل أحياناً إلى مستوى وزارات عليا.
ولذلك أقول: إن ثقتنا بأعداء الله تعالى من اليهود، أو النصارى: الأمريكان، أو البريطانيين، أو الفرنسيين، أو الشيوعيين الروس، أو البعثيين، أو العلمانيين، أو المنافقين، أو الحداثيين، إن ثقتنا بهؤلاء جميعاً في غير محلها، وهؤلاء صحيح قد يدفعون عنا خطراً -في تصورنا- نتوقعه، لكنهم يجرون إلينا خطراً أكبر.
وقبل قليل ذكرت لكم قصة المعتمد بن عباد، وكيف أنه لما استدعاه ابن جهور لحماية مملكته، كان هو الضحية، فإنه قد يقاتل عدوك حتى يدفعه، ثم ينثني عليك، ونحن نعرف مطامع الغربيين وأعداء الإسلام من النصارى واليهود في بلاد الإسلام، وخاصة في البلاد التي أعطاها الله تعالى هذه الثروة الكبيرة (البترول) ويعتبرون أنه لابد لهم من المحافظة عليها وحمايتها وصيانتها.
وكم هو مؤسف -أيها الإخوة- أن أصبح رجل الشارع -وهذا أيضاً كما ذكرتُ سابقاً مسئولية الإعلام- أصبح رجل الشارع العادي لا يتوكل على الله، بل يتوكل على بوش! يقول أحد العوام: من يوم جاء بوش أصبحنا ننام في الحوش!! هذه كلمة أصبحت الآن دارجة، سبحان الله!! أليسوا هم نصارى؟! أإلى هذا الحد أصبح المواطن العادي يثق بهم، ويعتمد عليهم؟! وربما يدعو لهم أحياناً! ونسي البراءة من الكافرين، ونسي قوله تعالى: {لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ} [المائدة:51] ونسي العداوة التي قررها الله تعالى في كتابه، وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم مع النصارى، والآن أصبحت العداوة مركزة مع اليهود، حتى العداوة مع اليهود: ثقوا ثقة تامة أنها سوف تمحى وتزول، لماذا؟! لأنه قد يكون هناك خطط مستقبلية للصلح مع إسرائيل، "ولا داعي لمواجهة إسرائيل في حرب قد تأتي على الأخضر واليابس"! "ونحن لسنا على مستوى حربها"! إذاً: لا بد من الصلح معها، ويحدث كما حدث في مصر بما يسمونه بالتطبيع، إذ منعوا الكلام عن اليهود وإسرائيل في أجهزة إعلامهم، وربما يساءل الخطيب لماذا تتكلم عن اليهود؟ وما بقي إلا أن يمنع القراء من قراءة الآيات التي فيها ذمُّ اليهود والنصارى وذكر عداوتهم للمسلمين!! وأحد الولاة جمع الخطباء والأئمة، وقال لهم: انتبهوا لديكم تعليمات ألا تتكلموا عن اليهود ولا عن النصارى، لأننا لا نريد أن نفرق الدولة، ولا أن نمزق الشمل، وعندنا أوامر تقضي بذلك، فلا أحد يتكلم عن اليهود ولا عن النصارى! فأحد الخطباء النجباء الأذكياء قال له: يا طويل العمر! إذاً لازم ما نقرأ سورة الفاتحة؛ لأن فيها قول الله تعالى: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيم * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ} [الفاتحة:6-7] والمغضوب عليهم: هم اليهود، والضالون: هم النصارى! فظن المسكين أن السؤال على وجه وأنه جاد، فقال: لا! اقرأوها لكن لا تفسروها للناس، ولا تشرحوها.