تكفير المعيَّن

Q قبل فترة زلت لساني بكلمة ندمت عليها كثيراً، وهي أنني في إحدى المرات ذَكَرَ لي مَن لا أثق به: أن أحد الأطباء الهنود ليس مسلماً، فحصل بعد ذلك أن ذكرت لبعض الحاضرين أن ذلك الشخص كافر، فاستغفرت الله بعدها على ذلك، مع أنني لا أجزم بكفره، فماذا أفعل بعد ذلك، مع أنه لا يتكلم العربية؟

صلى الله عليه وسلم لا شك أن الإنسان محاسب على ما يخرج من فيه، وفي حديث معاذ الذي رواه: الترمذي وصحَّحه: {وهل يَكُبُّ الناسَ في النار على وجوههم أو قال على مناخِرهم إلا حصائدُ ألسنتهم} قال الله تعالى: {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} [ق:18] وقال: {وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [الإسراء:53] فينبغي لك أن لا تتسرع بالحكم على الناس، لا بكفرٍ ولا بغيره حتى تتأكد وتتثبت من ذلك، حين يوجد لهذا الأمر داعٍ يدعو إليه، أما المجازفة والتسرع في وصف الناس بالكفر أو الفسق فهو أمرٌ خطير، وقد صح عنه صلى الله عليه وسلم في البخاري وغيره، أنه: {ما قال رجلٌ لأخيه: يا كافر! أو دعا عليه بالكفر إلا باء بها أحدهما} وهذا وعيد شديد في حق من يطلق ألفاظ الكفر على المسلمين، فعلى الإنسان أن يكون حذراً أشد الحذر من ذلك، ويتقي الله ولا يتسرع في هذا الأمر مهما أمكن، أما وقد حصل الأمر منك فإنني أنصحك أولاً: بكثرة التوبة والاستغفار لعل الله عز وجل أن يمحوَ عنك هذا الإثم، وأنصحك ثانياً: أن تحسن إلى هذا الرجل الذي قلت فيه هذه الكلمة، فإن كان مسلماً فأحسن إليه بتعليمه ما يجهل من أمور دينه، وبنفعه في أي أمر من أمور دنياه، وإن كان كافراً فابذل جهدك أن تدعوه إلى الإسلام لعل الله يهديه على يديك فتكون هذه الكلمة التي صدرت منك؛ وإن كانت شراً إلا أنها دعتك إلى أمر خير، فتكون ككلمة عمر رضي الله عنه يوم الحديبية، حين قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم ما قال، فما زالت هذه الكلمة تدفعه إلى أعمال صالحة كثيرة؛ حتى رجا أن تكون خيراً!

طور بواسطة نورين ميديا © 2015