أيها الإخوة: يتساءل كثير من الناس عن حكم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فأقول: أجمع المسلمون قاطبة، أولهم عن آخرهم أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب، ثم اختلفوا في نوع هذا الواجب، هل هو وجوب عيني، أو وجوب كفائي؟ فذهب أكثر العلماء إلى أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب وجوباً كفائياً، إذا قام به من يكفي من المسلمين سقط عن الباقين، وصار في حقهم سنة، وهذا هو الرأي الصحيح؛ لقوله عز وجل: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [آل عمران:104] فقال: (ولتكن منكم أمة) فإذا وجدت هذه الأمة سقط الوجوب عن باقي الأمة وأصبح سنة.
القول الثاني: وهو رأي لـ ابن حزم رحمه الله أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب وجوباً عينياً على كل مسلم، واستدل بالحديث الذي رواه مسلم عن أبي سعيد رضي الله عنه، أن النبي صلى عليه وسلم قال: {من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان} ومما لا شك فيه، أن التغيير بالقلب واجب وجوباً عينياً على كل مسلم بلا خلاف، وإنما الكلام في التغيير باليد وباللسان، ولا شك أن ما ذهب إليه ابن حزم قول مرجوح للدليل الذي ذكرناه، ولرأي جمهور العلماء أنه واجب وجوباً كفائياً.