وهناك إيراد، وهو: أن التحذير من المخدرات أنسى الناس جريمة الخمر، هذا الإيراد الذي ذكره الأخ يذكرني بطرفة حدثت في أحد الأماكن لما كان شخص أرادوا جلده في الخمر، فكان الناس كالعادة متجمعين حوله يشهدون الجلد، فلما جيء به كان يتلفت بشيء من عدم المبالاة ويقول: يجب أن تعلموا -أيها الناس- أنني لم أجلد في أمرٍ مُشْكِل، القضية قضية خمر فقط، لا تظنوا أني واقع في جريمة، وهو بذلك يهوِّن ويبسِّط هذا الفعل أمام الناس وهذا مشهود الآن فعلاً، ونجد أن الخمر قل العناية بالتحذير منها، مع أنها سبيل وباب إلى تعاطي المخدرات، ولذلك لا أدري ماهو السبب في عدم العناية بتحذير الناس من الخمر وحمايتهم منها؟ قد يكون من الأسباب أن الناس دائماً إذا جاء أمر، غطى على غيره -كما قيل: (فتنٌ يرقع بعضُها بعضاً) - فلما صار الناس أمام المخدرات -وهي ذات مفعول بليغ في العقول والأجساد والأموال والأعراض والأفراد والمجتمعات، وقد تستخدم من قبل قوى عالمية في التسلل إلى المجتمعات- شغلت كثيراً من الناس عن التحذير من الخمر، وقد يكون من الأسباب: كثرة وقوع الناس في الخمر! وهذا مسلك غريب؛ لأننا نجد أن أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه لما رأى كثرة وقوع الناس في الخمر ما تهاون فيها، ولا قال مثلاً: نتسامح ونصبر عنهم؛ لأن القضية ما عادت قضية واحد ولا اثنين ولا عشرة! بل أمير المؤمنين رضي الله عنه وهو الباب بين المسلمين وبين الفتن! لما رأى وقوع الناس في الخمر ضاعف الحد من أربعين وجعله ثمانين، فكان الناس يجلدون في عهد النبي صلى الله عليه وسلم في عهد أبي بكر شارب الخمر أربعين أو نحواً من أربعين؛ بالجريد والنعال وأطراف الثياب وغير ذلك، فلما جاء عمر رضي الله عنه ورأى وقوع الناس في الخمر جلد ثمانين! فألحقه بأخف الحدود، فالواجب أنه مع كثرة هذا الشيء وانتشاره يزيد التحذير منه، وكذلك يُغني بتطبيق العقوبة على من يقعون في هذه الجريمة.