الطريقة الثانية: العناية بالأطفال في إقامة المدارس والإسكانات الخاصة لهم؛ لأنهم رأوا بأن أخذ الطفل من حضن وحجر أمه، وجعله في كنيسة أو مدرسة أو محضن، يضمن أن يتربى على عقيدة النصرانية وعلى دينها، بعيداً عن معرفته بالدين الأصلي الذي ينتسب إليه أهله.
ومن الغريب أنني سمعت البارحة في بعض الإذاعات أنه أقيم في لندن فنادق خاصة بالأطفال السياح، وفيها عاملون يجيدون كل اللغات، وهذه الفنادق نجحت نجاحاً باهراً منقطع النظير، دعا المؤسسات والشركات إلى إقامة شبكات من هذه الفنادق في أنحاء العالم خاصة في المدن السياحية، وأنهم يمنعون أن يتصل أهل الطفل به، وإنما من أجل الاطمئنان عليه يتصل والده أو تتصل أمه بالجهة المسئولة عن هذا الفندق، ليخبروه عن آخر أخبار هذا الطفل ويطمئنوه عليه، أما والده فلا يحق له أن يتصل به، وذكروا برنامجاً للأطفال في هذه الفنادق، ومن ضمن اللغات التي تجيدها العاملات في تلك الفنادق اللغة العربية، فهذا أسلوب جديد للتنصير.
ومثله أيضاً رأينا جميعاً أطفال المسلمين في البوسنة والهرسك، وكيف يؤخذون بالمئات بدون أمهات ولا آباء، ويذهب بهم إلى إيطاليا، وألمانيا، وفرنسا، حيث يربون هناك على النصرانية، وقد رأينا صوراً منهم في الطائرة أطفالاً صغاراً البراءة تنطق في وجوههم، وبعضهم الرضاعة في فمه، وهم لا يعرفون إلى أين يذهب بهم، فالله المستعان! وذكر لي بعض الإخوة القادمين من هناك أنهم تقام لهم مخيمات ومعسكرات خاصة، وأن بعض المسلمين حاولوا الدخول إليها، فحيل بينهم وبينها، ومنعوا حتى من الدخول؛ لأن النصارى يقيمون نظاماً خاصاً وبرنامجاً مكثفاً لتحويل هؤلاء الأطفال إلى دين النصرانية.
ولك أن تتخيل طفلاً في سن الثانية من عمره أو الثالثة يؤخذ ثم يربى على الديانة النصرانية، ويكبر لا يعرف غيرها، ولا يعرف رباً له إلا أن يقول: ربي المسيح، ولا يعرف نبياً له إلا عيسى، ولا يعرف أصدقاء له إلا النصارى، ولا يعرف معبداً إلا الكنيسة، فأي إنسان سوف يخرج هذا؟! إن هذا الإنسان حتى لو دعي إلى الإسلام ووجد قبولاً، سيكون في قلبه شبهات كثيرة، وفي إيمانه ضعف إلا من رحم الله، أما الكثير منهم فإنهم يظلون محتفظين أوفياء للدين الذي تربوا عليه وهو النصرانية، وهناك مناهج تصاغ صياغة خاصة لهؤلاء الأطفال، وتربيهم على الأسس والمبادئ النصرانية مع الأسف، حتى في بلاد الإسلام كما سيظهر لكم.
ويكفيك أن تعرف أنه في مصر -مثلاً- تَبَرَّمَ النصارى من المناهج الإسلامية في المدارس العامة، وقالوا: فيها آيات وأحاديث، وكتبوا في الصحف: أننا نطالب بإبعاد هذه الآيات وهذه الأحاديث عن المقررات الدراسية التي يدرسها أولادنا.
وما أسرع ما كانت الاستجابة! فخلال أسبوع واحد تقرر إلغاء الآيات والأحاديث الموجودة في مقررات الأطفال، وكانت الحجة أن هذه الآيات والأحاديث كانت فوق مستوى الأطفال، فأما النصارى فإنهم يربون أطفال المسلمين الذين يستولون عليهم حتى ولو بالقوة أحياناً -كما أسلفت- يربونهم على آيات الإنجيل، ويحفظونهم إياها، ويربونهم على العبودية لعيسى واعتقاد ألوهيته وغير ذلك.