قال النبي صلى الله عليه وسلم: {وأوتيت جوامع الكلم} وقد يبدو بادي الرأي أنها من الخصائص المختصة بالرسول عليه الصلاة والسلام وحده، لكنني ألمس في هذه الخصيصة أمراً وهو أن هذه الأمة العربية -أصلاً- قد أوتيت زمام الفصاحة والبلاغة، فالعرب كانوا فرسان الفصاحة والبلاغة، وكانوا يعقدون في جاهليتهم الأسواق للمناظرات وتناشد الأشعار والخطابة وغيرها، والله عز وجل قد امتن على الإنسان بقوله: {خَلَقَ الإنسان * عَلَّمَهُ الْبَيَانَ} [الرحمن:3-4] .
ولذلك فإن الأمة الإسلامية من وراء نبيها عليه الصلاة والسلام الذي أوتي جوامع الكلم، أوتيت زمام الفصاحة، والبلاغة، والأدب، والشعر، وأنواع فنون القول.
ولذلك فإننا نعتقد أن الواجب على حملة رسالة الإسلام، ودعاته، وعلمائه أن يكون لهم من الفصاحة والبلاغة، وحسن القول، وجمال العبارة، ورشاقة الأسلوب ما ليس لغيرهم، وأعني بذلك أن يكون هناك أدباء مسلمون، وشعراء مسلمون، يحسنون فن الكلام، والحديث، والأدب، والشعر، ويستطيعون أن يدعو الناس إلى الإسلام ويربوهم على أخلاقيات الإسلام من خلال منابر الخطابة والأدب والشعر، ومع الأسف الشديد قد تأخر المسلمون عن هذا الميدان وأصبح كثير ممن ينتمون إلى الأدب والشعر في هذه الأمة يأخذون من أدب الغرب، فالواحد منهم لا يعتبر أديباً ولا شاعراً ولا قاصاً إذا لم يقرأ للقصاص الغربيين والفرنسيين، وتجد الواحد منهم يقول: أنا قرأت لفلان، وهو مستعد أن يذكر لك القاص الأمريكي فلاناً، والقاص الفرنسي فلاناً، والقاص البريطاني فلاناً، وأنه قرأ له كذا من كتبه المترجمة، وربما يعرف من قصصهم وأدبهم الشيء الكثير، وينسج على منوالهم.
بل أصبحنا نجد كثيراً يلجئون إلى أسلوب الغموض والرمز في التعبير عن معانيهم لأنهم يحملون معاني غير إسلامية، وتأخر الأديب المسلم عن الساحة، ولله در ذلك الشاعر الذي يقول منتقداً من يلجئون إلى الرمز والغموض في الشعر: الشعر ما لم تلح في التيه جذوته نوراً مبيناً فلا كانت عطاياه إن ضمه الحرف حيناً في توهجه أو ضمه الرمز حيناً في حناياه فالشعر ما زال يذكي وهج شعلته وقع الصراع فيؤتي بعض نجواه فهذا يؤكد أن الأديب المسلم يجب أن يبرز ويوجد، شاعراً، وأديباً، وكاتباً، ومتحدثاً، وخطيباً، وناقداً، وأن يُوصل إلى الناس تعاليم الإسلام وأخلاقيات الإسلام من خلال هذه الوسائل المباحة، والتي تؤثر في لفيف من القراء.