قال الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن بن جبرين حفظه الله: قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ} [التوبة:73] , فأمر الله بجهاد الكفار وأمر بجهاد المنافقين, ومعلوم أنه وجد منافقون في عهد النبي صلى الله عليه وسلم, بل في المدينة قال الله تعالى: {وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ} [التوبة:101] , إلى آخر الآيات , وقد أطلع الله نبيه صلى الله عليه وسلم على أشخاص وأعداد منهم, ونبهه على مقالات بعضهم، كقوله تعالى: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلا تَفْتِنِّي} [التوبة:49] , والسياق في المنافقين: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ} [التوبة:58] , {وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ} [التوبة:61] , {وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ} [التوبة:75] , هؤلاء لاشك أن الله أطلعه عليهم.
ومع ذلك كان جهاده لهم وجهاد الصحابة لهم بالتحذير من شرهم, وبمجادلتهم، وبإظهار الحق أمامهم, ولم يجاهدهم بالسيف, وقد سئل: لماذا لا تقاتلهم، أو لا تقتل فلاناً وفلاناً؟ فخشي أن يقول الناس: إن محمداً يقتل أصحابه، وما ذاك إلا أنهم يتظاهرون بأنهم مسلمون, فيصلون مع المسلمين, ويجاهدون معهم, ويغزون معهم, ويزكون, ويظهرون أنهم معهم في الظاهر, فخشي أن يظن الجهلة وأهل البلاد الأخرى أنهم مسلمون وأنهم قتلوا وهم على الإسلام.
ولكن بعد أن أظهر الله تعالى الإسلام وقوي وانتشر, لا شك أنه من عثر عليه وعرف بأنه زنديق يخفي كفره, ويظهر أنه مع المؤمنين, فإنه يجب قتله.