جهاد الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته معروف أنهم أولاً: جاهدوا نفوس الناس.
ثانياً: جاهدوا أبدانهم وجاهدوا عقولهم، فجهادهم الذي جاهدوا به النفوس هو أنهم غزوا كل نفس شريرة سواءً كان غزوهم غزواً حسياً, أم غزواً معنوياً, وشرح ذلك يطول وأمثلته واضحة.
وبكل حال فإن الله تعالى لما أمرهم -أولاً- بالقتال أمراً مرخصاً فيه؛ عند ذلك بدأوا بالقتال، ويذكر العلماء أن أول ما أنزل الله في القتال قوله تعالى: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ} [الحج:39] , أذن لهم بأن يقاتلوا, وكان هذا مجرد إذن, ثم بعد ذلك نزل الأمر بقتال من قاتلهم، قال الله تعالى: {وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ} [البقرة:190] أمرهم بأن يقاتلوا من قاتلهم, ويكفوا عمن لم يقاتلهم, ثم بعد ذلك أمرهم بأن يقاتلوا جميع المشركين، فقال تعالى: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ} [التوبة:5] , وتسمى هذه آية السيف، بمعنى أنها أمرت أمراً مطلقاً بأن يجاهد كل مسلم أعداء الدين أينما كانوا، وفي أي بقعة كانوا ماداموا مشركين.
ومعلوم أن المشركين في هذه الآية: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ} [التوبة:5] يدخل فيها كل من أشرك بالله تعالى, وخرج عن عبادته.