جوده بالوقت عليه الصلاة والسلام

ومن ألوان جوده وكرمه صلى الله عليه وآله وسلم، جوده وكرمه بوقته، فالوقت الذي كان يستغرقه عليه الصلاة والسلام في جلائل الأعمال، راكعاً ساجداً أو قائماً أو عابداً أو ذاكراً لله تعالى، كان يبذل هذا الوقت فيما يحتاجه المسلمون، حتى إنك تتعجب! الآن الواحد منا ربما لا يكون عنده عمل أصلاً، إنما يتعلق ببيته ووظيفته، ومع ذلك لو طلب منه أحد ساعة أو نصف ساعة؛ قال: والله يا أخي أنا مشغول جداً، وليس عندي وقت.

ماذا عندك؟! هل أنت تدير امبراطورية من الامبراطوريات؟! وهل عندك شركات عالمية؟! الأمر أهون من ذلك، ولكن مع هذا تجد وقت الإنسان منا مبرمجاً إلى حدٍ بعيد، بحيث تجده يعتذر عن أقل الأمور.

أما محمد صلى الله عليه وسلم النبي المختار الذي عنده من الأعمال الشيء العظيم حتى إن عائشة رضي الله عنها تقول: [[ما قبض رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حتى كان أكثر صلاته وهو جالس، بعدما حَطَمَهُ الناس]] لاحظ كلمة "حطمه"، من كثرة مجيئهم له دائماً وأبداً، هذا وفد يأتي وهذا وفد يخرج، وهؤلاء يسلمون، وهؤلاء يتحدثون مع الرسول عليه الصلاة والسلام، وهؤلاء يحاورونه على أمر من الأمور، وهذا جيش يذهب، وهذه سرية تأتي، وهذه أمور وجلائل من الأعمال كان يتولاها بنفسه صلى الله عليه وآله وسلم.

ومع ذلك كانت الجارية السوداء تأتي إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فتأخذ به إلى أي سكك المدينة شاءت فتحدثه بأمورها، ماذا تتصور أنها ستقول للرسول عليه الصلاة والسلام؟! خادمة في أحد البيوت سوف تتكلم عن همومها الشخصية وأن أهل البيت يضايقونها، وأن فلانة قالت لها كذا، وفلان قال لها كذا، وهذا آذاها، ومرة عندما أتت بالطعام عاتبوها، وقالوا: لم تصنعي الطعام صناعة جيدة، وأشياء وتفاصيل لا تعني الرسول صلى الله عليه وآله وسلم كثيراً، ولكنه كان حليماً واسع الصدر كريماً في وقته، فيضع أذنه لها صلى الله عليه وآله وسلم حتى يستمع إلى كل ما تقول، فإذا فرغت حاول أن يعالج همومها وآلامها ومشاكلها بما يستطيع.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015