جوده عليه الصلاة والسلام بالمال

وهناك لون آخر من ألوان شجاعته صلى الله عليه وآله وسلم، أو من ألوان كرمه صلى الله عليه وآله وسلم وهو: كرمه بالمال، وكرمه بالمال لون آخر لا يكاد يأتي عليه الكلام، حتى إنه ليصدق عليه قول القائل: هو البحر من أي النواحي أتيته فلجته المعروف والجود ساحله تراه إذا ما جئته متهللاً كأنك تعطيه الذي أنت سائله وقد خرج عليه الصلاة والسلام في يوم عليه بُرد لا يملك غيره، بُرد جميل أهداه إليه رجل فلبسه عليه الصلاة والسلام، فلما خرج به على أصحابه فرحوا بذلك وسرّوا؛ لأنه يسرهم أن يلبس مثل هذا عليه الصلاة والسلام، فجاء رجل فقال: {يا رسول الله: اكسني هذا -أعطني إياه- فخرج النبي عليه الصلاة والسلام من بين أظهرهم ودخل بيته فخلعه، ثم خرج وأعطاه هذا الرجل فأقبل الناس عليه يلومونه ويعاتبونه ويقولون له: تعلم أننا فرحنا بهذا، وأنه لا يملك صلى الله عليه وآله وسلم غيره، وتعلم أنه لا يرد أحداً سأله ثم تطلبه منه، قال: إنني ما طلبته منه حتى ألبسه إنما طلبته منه عليه الصلاة والسلام حتى يكون كفني (أي حتى أكفن فيه إذا مت) قالوا: فكفن فيه رضي الله عنه وأرضاه} .

فكان عليه الصلاة والسلام لا يرد سائلاً، وربما استدان فأعطى، وربما اشترى شيئاً فدفع أضعاف ثمنه، وربما اشترى شيئاً فرد الثمن ورد المشترى نفسه، كما فعل مع جابر رضي الله عنه: {حينما اشترى منه جمله ثم أعطاه القيمة، وقال: خذ جملك ودراهمك فهو لك} فأعطاه الجمل والدراهم صلى الله عليه وآله وسلم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015