ألا يسوؤك أن تعلم أن أفقر الشعوب على الإطلاق هي الشعوب الإسلامية، حتى إنني سمعت بنفسي تقريراً عن بعض الأماكن التي يوجد فيها مسلمون، يهربون من جحيم الحروب فيقام لهم ملاجئ، يقول: إن هذه الملاجئ فيها من البؤس والمرض والجوع والعطش ما الله به عليم، حتى إنهم يقفون طوابير لا يرى الإنسان نهايتها، ويجلس الواحد منهم في الطابور اثنتي عشرة ساعة، لا ينتظر ملابساً ولا خبزاً له ولأولده ولا علاجاً بل ينتظر جرة من الماء لا تكفيه ولا بعض اليوم، ثم يضطر من الغد ليقف في الطابور نفسه من أجل أن يحصل على حصة الغد من الماء، من هؤلاء؟ هؤلاء المسلمون، وأقسم بالله لو كانت هذه الشعوب التي تعاني هذا البؤس والفقر، من شعوب الصليب أو من شعوب اليهود، لوجدت المؤسسات الضخمة والدول والأعمال والأثرياء يقومون بجهود كبيرة، ويجمعون الأموال، ويخصصون العمارات، وقد رأينا النصارى يفعلون ذلك، وآلاف المؤسسات التنصيرية لا هم لها إلا إغاثتهم، بل إن النصارى يغيثون حتى هؤلاء المسلمين ولكن يعطونهم العلاج في يد، ويعطونهم الإنجيل في اليد الأخرى.
فأين أنتم يا أثرياء المسلمين؟! وأين أنتم يا أنصاف الأثرياء؟! وأين أنتم يا أرباع الأثرياء؟! إنكم مسئولون، ما لكم لا تنصرون إخوانكم المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، بل ربما يوجد في جيرانكم اليوم في هذه البلاد ولا أقول في غيرها، ربما يوجد الجياع كثيراً، وقد وقفنا على أحوال كثيرة من أحوال الجياع وقد يوجد في البيت عشرات من الرجال والنساء والأطفال ولا يوجد من يقوم عليهم أبداً، ولهم أحوال إذا سمعها الأثرياء قالوا: ما كنا نتصور أن يوجد مثل هذا؛ لأن كل إنسان يقيس على نفسه، يرى أنه يعيش في رغد من العيش، وفي بحبوحة ونِعَم، وبيت واسع، فيظن أن الناس مثله، ولا يتحسس آلام ومصائب هؤلاء المسلمين المحتاجين هنا وهناك.