جمع الأمة على رأي واحد وهم ومحال

ولذلك أقول: إن الذين يحلمون بجمع الأمة على رأي واحد في هذه المسائل مغرقون في الوهم والتفاؤل، كيف تحلم بجمع الناس على أمر ما اجتمع الناس عليه في عهد أبي بكر وعمر!! في عهد أبي بكر وعمر اختلف الصحابة رضي الله عنهم في المسائل الفقهية، فمن بعدهم أولى أن يختلفوا.

وأقول: أيها الإخوة! يجب ألا نشغل عقولنا وقلوبنا وألسنتنا أو مجالسنا، بالكلام عن كيف ننهي الخلاف؟! فهذا سؤال ليس له جواب، وجوابه أن هذا الخلاف لن ينتهي، وفِّر على نفسك التعب، فالخلاف لن ينتهي.

لكن عليك أن تطرح بدل هذا السؤال سؤالاً آخر، وهو: كيف نتعامل مع هذا الخلاف؟ وكيف نواجه هذا الخلاف؟ وماذا نأخذ من هذه الأقوال؟ وماذا نترك منها؟ فهذه أسئلة طيبة سليمة، تنم عن وعي ومعرفة وإدراك، لكن في الحقيقة يضيق الإنسان ذرعاً بتبرم الناس من هذا الخلاف، أحياناً تثار حتى قضية صحفية، وأذكر عدداً من صحفنا المحلية أثارت هذا الموضوع اختلاف المفتين اختلاف الفقهاء والبلبلة التي تحدث عند العامة.

فيجب أن نوعي العامة بأن خلاف العلماء ضروري، ولا بد منه، وأنتم أيها العامة! هناك حل نقدمه لكم يعالج موقفكم من الخلاف، أما اختلاف العلماء فلا تفكروا في أنه يمكن أن يأتي يوم ينتهي فيه الخلاف، إلا كما قلت حينما ينتهي العلم ولا يبقى إلا الجهل.

فلا بد من الاعتراف بواقعية الخلاف، ومعرفة أنه لا بد منه، وهذه القضية مفيدة جداً للإنسان إذا فهمها وأدركها، لأنها تجعل موقفه من الاختلاف موقفاً يتسم بالهدوء والاعتدال والتفهم، وليس بالغضب أو الانفعال، أو ما أشبه ذلك من المواقف المبنية على تصور غير صحيح.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015