وجود المعارض المساوي أو الأرجح

السبب الخامس: هو أن العالم وإن ثبت عنده الحديث أو الدليل، فإنه قد يوجد عنده معارض أرجح منه، على الأقل في نظره هو، فقد يقول لك: أعترف بأن هذا الحديث ثابت وصحيح، لكن هناك أحاديث أخرى أثبت منه، وأصح منه، وأقوى في الدلالة، فأنا أقدمها على هذا الحديث، ولعل من الأمثلة على ذلك -والأمثلة كما أسلفت كثيرة- أن من العلماء من ترك العمل بحديث: {لا.

إنما هو بضعة منك} عندما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الوضوء من مس الذكر قال: {لا.

إنما هو بضعة منك} يعني لا يجب الوضوء من مس الذكر.

فمن أهل العلم من ترك العمل بهذا الحديث أخذاً بالحديث الآخر، وهو قول النبي صلى الله عليه وسلم: {من مس ذكره فليتوضأ} باعتبار أن هذا الحديث له طرق عن جماعة من الصحابة، وأنه أقوى وأثبت من الحديث الأول، إذاً من الأسباب أيضاً: ترك الدليل لمعارض راجح.

هذه الأسباب الخمسة من أسباب الاختلاف وكلها أسباب مقبولة ولا بد من وجودها، ولا يعترض على الخلاف الناتج عنها، متى استفرغ الإنسان الوسع في سبيل الوصول إلى الحق بقدر ما يستطيع، وتجرد عن السبب السادس الذي سوف أشير إليه، وهو التعصب والهوى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015