السبب الثاني: كيد الشيطان: وذلك لأن الشيطان مثل العدو الظاهر, فالعدو الظاهر إذا أراد أن يخدع إنساناً، يشغله بأمر يسير، وهو يخطط لأمر أعظم منه, مثلاً: لو فرض أن عدواً يريد أن يهجم على بلد من البلدان, ماذا يصنع هذا العدو؟! يركز على جهة الشمال مثلاً, حتى يتصور الناس أن هجوم العدو سوف يأتي من الشمال! والواقع أن خطة العدو أنه يأتي من الجنوب.
لكنه يريد أن يخادع الناس في أن قصده وتركيزه على جهة الشمال, هذا العدو الظاهر يشغلك بأمر بسيط ليس هو مقصوده الأصل، فعنده أمر عظيم يريده, فالشيطان أحياناً يحفر للإنسان حفرة واسعةً وهوة عميقة, ثم يحفر له حفرة صغيرة, ويشغل الشيطان الإنسان بهذه الحفرة الصغيرة القريبة منه, فيبدأ الإنسان ينظر إلى هذه الحفرة حتى لا يقع فيها, فيبدأ يبتعد عنها، وهو يحاذر أن يقع في الحفرة الصغيرة, فلا ينتبه إلا وقد وقع في هذه الهوة العميقة فسقط فيها! فهذا الأسلوب من مكائد الشيطان: يخيل لك أن من الورع أن تترك هذا الشيء, وهو بذلك لا يريد أن تتقي هذا الأمر فعلاً، لكنه بذلك قد أوقعك فيما هو أعظم منه, قد يكون أوقعك في ترك واجب, كترك جهاد, أو ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر, أو التعلم, أو مجالسة مطلوبة!! لأنك تعرف أيها المسلم أن كل ما أعطاك الله عز وجل من العلم والعقل والفصاحة والجسم والقوة والإمكانيات والوقت والفرص الموجودة في المجتمع، فهو أمانة سوف تسأل عنها.
فإذا دعاك ما تعتقد أنه ورع إلى إهمال هذه الأشياء وتعطيلها, فأنت حينئذٍ تكون قد وقعت في شرٍ مما فررت منه.