سأل هارون الرشيد -وهو الخليفة- الإمام مالك وقد جاءه ومعه أولاده، فسأله أن يقرأ عليه قال: اقرأ علي شيئاً من العلم، فقال له الإمام مالك: [[والله ما قرأت على أحد منذ زمان، وإنما يقرأ عليّ]] يعني: أنت مثل غيرك أنت والفلاح والبقال، كلكم عندي في مجلس العلم سواء، فكلهم هؤلاء يقرءون علي فقال هارون الرشيد لـ مالك: لا مانع، لكن أخرج الناس من مجلسك، حتى أقرأ عليك، فأبى الإمام مالك وقال: [[والله لا أمنع العامة من أجل الخاصة]] .
ثم أمر الإمام مالك دفعاً للإشكال، بعض الحاضرين أن يقرءوا على الخليفة شيئاً، من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم.
إذًا: هو يلقن هؤلاء دروساً عظيمة في عزة العالم وقوته وشجاعته، وأنه لا ينظر إلى أهل الدنيا؛ لأن الدنيا عنده لا تساوي شيئاً، فأهلها عنده مثل غيرهم على حد سواء، فالغني والفقير، والشريف والوضيع، والكبير والصغير، والمأمور والأمير في ميزان الإمام مالك سواء، لا فضل لأحد منهم على أحد، إلا بالإيمان والتقوى، والعلم يبذل لهم جميعاً على قدم المساواة.