ملتزم يعاني من السخرية في بيته

Q فضيلة الشيخ: أنا شاب لدي الرغبة في التوجه إلى الله، وأنا سائر في هذا الطريق والحمد لله بلا تردد، إلا أنني أعاني من أهلي وأقاربي، حيث يحصل منهم استهزاء وألفاظ سيئة، واحتقار وعدم مساعدة على السير في هذا الطريق، فما هو العلاج الذي يوقف من يستهزئ بي؟ وما هي الأسباب التي أتخذها حتى تساعدني في الثبات على الحق؟

صلى الله عليه وسلم إن من الغريب أن نواجه في البلاد التي أهلها متمسكون بالإسلام والحمد لله مثل هذه الحالات، وما ذلك إلا دليل على ضعف الإيمان في هذه الأزمان، ونجاح الأعداء في غزوهم لهذه الأمة، حيث أصبحت بعض البيوت -فعلاً- يُستغرب أن يوجد فيها إنسان مستقيم أو صالح، ونسمع بين الحين والآخر مثل هذه الأسئلة والتي أصبحت أشبه ما تكون بالظاهرة في عدد من الأماكن، والنصيحة التي أتوجه بها إلى هذا الشاب هي أن يتذكر قوله تعالى: {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْناً وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا} [العنكبوت:8] فالآية تعرض لنا أباً مشركاً يجاهد ابنه على الشرك، فيريد من ابنه أن يكون مشركاً أيضاً، فلم يقل له الله عز وجل أسئ الأدب معه، أو ابتعد عنه، أو احذر منه، بل قال: "فلا تطعهما"؛ لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، ومع ذلك قال: {وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً} [لقمان:15] فينبغي للشاب أن يكون ليناً لطيفاً مع والديه مطيعاً لهما فيما لا معصية فيه، وأن يحرص على قضاء حوائجهما الدنيوية، والتحبب إليهما، ولو كان ذلك على حساب بعض الأمور التي يحتاج إليها هو، وألا يواجه هذه المواقف التي فيها سخرية أو استهزاء بالانفعال أو بالرد عليهما، فيزداد الأمر سوءاً، بل عليه أن يتخلق بالأخلاق الفاضلة، وأن يكون حريصاً على كسب هؤلاء إلى صفه، وليجرب الشاب هذه الطريقة، فكثير من هذه الحالات تزول بهذه الطريقة، وهذه النصيحة أوجهها إلى الشاب.

ثم إن هناك نصيحة إلى الآباء أن يكونوا عوناً لأبنائهم على الاستقامة، ويحمدوا الله عز وجل أن منحهم أبناء صالحين، يكونون عوناً لهم على الأمور الدنيوية، ويكونون ذكراً لهم بعد موتهم، ونفعاً لهم في الآخرة؛ فإن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: {إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقه جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له} .

أما في الآخرة فإن الله عز وجل يقول: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ} [الطور:21] فالإنسان إذا كان صالحاً؛ فإن الله يجمع بينه وبين أبويه في الجنة، بل إن أبويه قد يرتفعان في الجنة درجه بسبب ابنهما، وهذا من فضل الله تبارك وتعالى، فلنحرص على توجيه أبنائنا توجيهاً إسلامياً، ولنحرص على أن يسلكوا الطريق المستقيم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015