Q يقول: أنا الحمد لله تعالى شاب مستقيم، أحافظ على الصلوات والسنن الرواتب، وتلاوة القرآن، إلا أنني أعاني من عدم القدرة على قيام الليل، وأود أن يوفقني الله إلى القدرة على التهجد، فلا أصلي الوتر في أول الليل بل أقوم آخر الليل فأصليه مع التهجد، إلا أنني لا أستطيع إلا نادراً، فما هو الحل وما هي الطريقة التي تساعدني على قيام الليل -جزاكم الله خيراً-؟
صلى الله عليه وسلم أقول: لا شك أننا نعلم جميعاً فضل قيام الليل، وما ورد فيه من الآيات والأحاديث، ووجود مثل هذا الشاب الذي يعزم مثل هذه العزيمة من نعمة الله تعالى على هذه الأمة، وأنها فيها الخير حتى يأتي أمر الله.
أما الطريقة التي تعين الإنسان على قيام الليل، فإنني أقول: أولاً: إن الإنسان إذا عرف من نفسه أنه لا يستطيع القيام في آخر الليل فالحزم أن يوتر من أول الليل، وليطل في هذا الوتر قدر ما يستطيع، فيصلي ما شاء الله له، ثم يختم بالوتر قبل أن ينام، فهذا كما صح عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أنه قال: {أوصاني خليلي بثلاث: ركعتي الضحى، وصيام ثلاثة أيام من كل شهر، وأن أوتر قبل أن أنام} فمن كان يعلم أنه لا يستطيع القيام آخر الليل إلا نادراً، فالحزم له أن يوتر من أول الليل بعد أن يصلي ما كتب الله له، وفي بعض الأحيان قد يستغل الشيطان هذه الرغبة عند الإنسان ليصرفه عن الوتر في أول الليل، فيقول له الوتر آخر الليل أفضل حين يبقى ثلث الليل الآخر، فينزل الله عز وجل إلى السماء الدنيا، فلا يزال يغري الإنسان بأن يؤخر الوتر إلى آخر الليل مع أن الإنسان قد يكون متعباً لا يستطيع أن يقوم، ففي مثل هذه الحالة على الإنسان أن ينتبه لهذا الأمر، وأنه قد يكون خداعاً من خداع النفس أو الشيطان؛ فيصلي أول الليل.
أما كيف يستطيع الإنسان أن يقوم آخر الليل، فإن من أعظم الوسائل المعينة على ذلك هي أن ينام الإنسان مبكراً، فإذا نام مبكراً استطاع أن يقوم آخر الليل، كما أن عدم إكثار الإنسان من الأكل يخففه ويعينه على القيام، والله سبحانه تعالى إذا علم من العبد صدق النية، فليبشر هذا العبد بالخير أولاً: أن الله سوف يعينه على القيام ولكن عليه ألا ييأس.
الأمر الآخر: إنني أعتقد أن هذا الإنسان الذي نام على هذه النية أنه في صلاة حتى ولو لم يستيقظ، خاصة إذا كان ممن إذا استيقظ فتعار من الليل قال: {لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير} وورد في تفسير قوله تعالى: {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ} [التين:6] أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: {إن العبد إذا مرض أو سافر كتب له ما كان يعمله مقيماً صحيحاً} فكذلك إذا حالت بعض الحوائل دون قيام الإنسان وكانت عزيمته متوفرة على ذلك، فليبشر من الله بخير، والله عند حسن ظن عبده به.