من عيوبنا في التفكير: حجب الحقائق عن الأمة بشتى الحجب حقيقة نحن غير واثقين بالأمة التي نحن جزءٌ منها، أنا أقول: هذا على كافة الأصعدة، الحقائق محجوبة عن الأمة، حقائق الأمور الرسمية ولأمور العلمية ولأمور الدعوية والجهادية، في كثير من الأمو تحجب عن الأمة، لماذا؟! كأن الأمة ليست على مستوى إدراك الأوضاع والحقائق، والمشاركة في التفكير، فهناك من يفكر بالنيابة عنك، وهناك من يتصرف بالنيابة عنك، وهناك من يوقع بالنيابة عنك، وهناك من يعمل كل شيء، ما بقي إلا من يأكل ويشرب بالنيابة عنك.
صودرت الأمة صراحةً، لماذا صودرت؟ لأنها حُجبت عنها كثير من الحقائق، حتى من طلبة العلم -أحياناً- من يحجب الحقائق عن الأمة.
ومع الأسف، كان يمكن هذا في بعض الأحيان، إذا كان من المصلحة أن بعض الأمور تحجب، لكن المشكلة اليوم أن أجهزة الإعلام العالمية أصبحت تدخل كل بيت وكل عقل، فما تحجبه أنت يوصله غيرك، فأصبحت لم تفلح في حجب هذه الحقائق عن الأمة، ولكنه لم تتكلم أنت في حين تكلم غيرك، تكلم الخصوم والأعداء والمتسرعون، ولكنك أنت لم تتكلم لأنك ترى أنه لا يوجد داعي للحديث عن هذه الأمور، وينبغي ألا يتحدث بها الناس مثلاً، سواءً كانت قضايا علمية أو عملية أو دعوية أو غير ذلك.
وبالتالي أصبحت الأمة تفاجأ -في كثير من الأحيان- أنها تكتشف بنفسها هذه الأخطاء، وهذه الحقائق، ويصبح تغييبها وسترها أمراً ليس في الإمكان، لأنه سيكون هنا إحباط معين، وتزعزع ثقة الأمة بدعاة الإسلام ورجال الإسلام؛ لأنها شعرت أنهم غير صادقين فيما كانوا يقولون، أو أنهم كتموا عنها الحقائق وحجبوها، وغيبوا الأمة فترة من الفترات، والواقع أننا ينبغي أن نخاطب الأمة.
أنا أقول: إلى متى سنظل نخاف على هذه الأمة؟ إذا صدر -مثلاً- كتاب، ناقش في قضية من القضايا، قلنا: لا يوجد لهذا داعي لأن هذا يفتح أبواباً على الناس إذا تكلم شخص، قلنا: لا يوجد داعي هذا يفتح أبواباً على الناس.
إلى متى تظل الأبواب مغلقة؟ وإلى متى نظل نحجر على هذه الأمة؟ لا نريدها أن تعلم بشيء ولا أن تطلع على شيء، مع أنها تتعلم وتطلع، أقل الناس اليوم من يقرأ في جريدة، ويسمع في الإذاعات، ويسمع في المجالس، ويطلع على أشياء كثيرة.
بقي فقط دعاة الإسلام، وعلماؤه، والمخلصون، هم الذين -في كثير من الأحيان- يؤثرون عدم الحديث، ولذلك لم يظهر لهم صوتٌ وصورة صحيحة.
إذاً لا داعي لأن نحجر على هذه الأمة ونفقد الثقة بها، فالأمة -إن شاء الله- ستنضج متى ما أعطيناها الثقة، عندك كتاب ترى نشرة للأمة، وفيه خير، انشر هذا الكتاب، وأنا عندي رد على هذا الكتاب ليس هناك مانع، أن أنشر الرد، ودع الأمة تقرأ الكتاب وتقرأ الرد على هذا الكتاب، وتحكم وتصل إلى الحقائق، وإذا أخطأ واحد ما أخطأ عشرة، ولا يصح إلا الصحيح، ويحق الله الحق، ويبطل الباطل.
فلا يوجد داعي أننا نظل دائماً وأبداً في خوفٍ شديد، وفي رعبٍ على هذه الأمة، لا ينبغي هذا، بل ينبغي أن نعطي الأمة بعض الثقة، ونحاول أن نجر الأمة إلى المشاركة في إحقاق الحق، وإبطال الباطل، وأهل التفكير يشاركون معنا، حتى يكونوا في الصورة، إن حصل خطأ أدركوه وإن حصل صواب أيضاً أدركوه، أما كونهم يفاجئون بالخطأ وهم ما علموا به، ما الذي سوف يحصل؟ يحصل أنهم سوف يلقون بالأئمة، ويقولون: أنتم قلتم، وأنتم فعلتم، وأنتم إلخ.
لماذا؟ لأنه لم يكن عندهم خبر سابق، لكن عندما يكونو مشاركين معك في التفكير، يكونون -كما يقال- في الصورة معك، وبالتالي لا يفاجئون بشيء.