أما الوسيلة الأولى: التي تكسب بها مودة الناس فحسن الخلق، قال الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم:4] وعن عائشة رضي الله عنها في مسلم {أنها سئلت ما كان خلق النبي صلى الله عليه وسلم: فقالت للسائل: تقرأ القرآن؟ قال: نعم، قالت: كان خلقه القرآن} .
ولذلك كان صلى الله عليه وسلم يرتل على أصحابه صباحاً ومساءً أحاديث حسن الخلق، ومن قوله صلى الله عليه وسلم: {ألا أخبركم بأحبكم إلي، وأقربكم مني مجلساً يوم القيامة، أحاسنكم أخلاقاً، الموطئون أكنافاً الذين يألفون ويُؤلفون} .
ومرة أخرى {يجلس صلى الله عليه وسلم بين أصحابه فيقول له رجل: يا رسول الله، ما أكثر ما يدخل الناس الجنة؟ فيكون الجواب منه صلى الله عليه وسلم: تقوى الله وحسن الخلق وما أكثر ما يدخل الناس النار؟ فيقول صلى الله عليه وسلم: الفم والفرج} .
وهكذا يأمر صلى الله عليه وسلم أصحابه بحسن الخلق، ويبين لهم أن العبد يبلغ بحسن الخلق كما في حديث أبي الدرداء، وهو عند الترمذي بسند صحيح {يبلغ بحسن الخلق درجة الصائم القائم} درجة الصائم الذي لا يفطر ودرجة القائم الذي لا يفتر.
فحسن الخلق ذو مكان عظيم في الإسلام، فبشاشة الوجه وطلاقته، ولين الكلام، ولين الجانب، هي من الأشياء التي تحببك إلى الناس، وتقربك إلى الله عز وجل، بل إن النبي صلى الله عليه وسلم حصر المهمة التي بعث بها في حسن الخلق، فقال: {إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق} .
وفي لفظ {إنما بعثت لأتمم صالح الأخلاق} والحديث رواه مالك في الموطأ، وابن سعد والبيهقي في الشعب، وغيرهم وهو حديث صحيح.
فالأخلاق على جانب كبير من الأهمية، في تحبيبك إلى الناس، وتحبيبك قبل ذلك إلى الله عز وجل، فالله يحب الإنسان اللطيف الوديع الهادي الخلوق البشوش، وهذه كلها صدقات منك على الناس، ليست الصدقة أن تخرج من جيبك مالاً، وتعطي الفقير وأنت مكفهر في وجهه عابس، كلا، بل هذا من الصدقة -المال من الصدقة- ومن الصدقة أن تلقى أخاك بوجه طلق، وتتبسم في وجهه، وتهش وتبش له، وتحسن إليه فهذا حسن الخلق.