الأمر الخامس: هو الصبر على ما تلقاه من أذى الناس، فالناس لابد فيهم من أذى، كل واحد منا أيها الإخوة هو (مُؤذِي ومُؤذَى) في نفسه؛ لأن طبيعة الاجتماع قد تجعلك تفعل عملاً لا تقصد به.
إلا الخير، لكن يكون بالنسبة لبعض الناس غير موفق، ربما تجتهد مع إنسان وتحسن إليه فيما تظن، لكن ما وقع هذا الإحسان في موقع الإحسان، على سبيل المثال قد تقدم له أمراً، فيفسر هذا الشيء تفسيراً غير صحيح ويحمله في نفسه، فالناس مختلفون في طباعهم وعاداتهم وأمورهم، فكل إنسان يصدر منه أذى إلى غيره، وكذلك يصدر من غيره الأذى إليه.
فكذلك لابد من الصبر على الأذى {وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ} [لقمان:17] ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم كما في الحديث الذي رواه الترمذي وأحمد وغيرهما وهو حديث صحيح عن ابن عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على آذاهم، خير من الذي لا يخالطهم ولا يصبر على آذاهم} كأن المعنى إذا خالطت الناس، لابد أن تلقى منهم أذى، -أذى كثير- من ألوان الأذى: الأذى الدنيوي، حينما نكون جيراناً ويصبح بين أولادي وأولادك شيئاً من الشجار، الذي يحدث عادة بين الصبيان، هذا قد يتطور إلى مشكلة عندنا، لكن حين يكون عندنا إيمان ومعرفة بحقوق الإخوان والجيران، نصبر ونتحمل هذا الشيء، ونعرف أنه قد يكون عند الجار مثل ما عندك وأشد، وكذلك حينما نكون شركاء في الأرض في تجارة في شيء يحصل بيننا مثل ذلك، وكذلك الإخوان في البيت الواحد يحصل بينهم شجار.
فلابد من التحمل والصبر {المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم خير من الذي لا يخالطهم ولا يصبر على أذاهم} .