حرمة التألي على الله بالمغفرة أو بعدمها

إذاً الناس شهداء الله في أرضه، لكن لا ينبغي أن يحكموا على إنسان بالجنة، ولا يحكموا على آخر بالنار، ولذلك ذكر النبي صلى الله عليه وسلم كما في، صحيح مسلم وغيره؛ {أن رجلاً من بني إسرائيل كان عابداً، فكان يأتي إلى رجل آخر من الفساق الفجار فينهاه عن معصيته فيقول له: خلِّ بيني وبين ربي ولا يستجيب له، فقال هذا الرجل العابد: والله لا يغفر الله لفلان فقال الله عز وجل: من ذا الذي يتألَّى عليَّ أن لا أغفر لفلان، فإني قد غفرت له وأحبطت عملك} .

أنت أيها العابد أحبط الله عملك، لماذا؟ لأنك مغرور، مغرور معجب بعملك، ما الذي جعلك تحكم بأن الله لا يغفر لفلان، الله عز وجل لا يعلم ما عنده إلا هو، ربما يعمل إنسان عملاً عظيماً يخيل إليه أنه به يدخله الجنة، ثم يجعله الله هباء منثوراً، لأنه دخله رياء أو عجب، أو غرض دنيوي، وربما يعمل الإنسان عملاً يسيراً يخيل إليه أنه لا شيء، ويدخل بهذا العمل الجنة.

يُروى أن زبيدة لما ماتت رآها رجل في المنام فقال لها: (ما فعل الله بك؟ فقالت: كدت أهلك، ولكن الله رحمني بركعتين كنت أصليهما قبل الفجر) ركعتان كانت تصليهما، كانت سبباً في إنقاذها من الهلاك.

أما الأعمال الأخرى وهي أعمال كثيرة، والإحسان إلى الناس وو إلخ، فربما لم يكن لها من المنزلة ما لهاتين الركعتين، ولذلك يقول عبد الله بن المبارك رحمه الله: (اغتنم ركعتين زلفى إلى الله إذا كنت فارغاً مستريحاً، وإذا ما هممت بالنطق بالباطل فاجعل مكانه تسبيحاً) فربما تعمل عملاً يسيراً يكون سبباً في نجاحك، والعكس بالعكس، ربما يعمل الإنسان عملاً عظيماً، ثم يتوب منه، فيكون سبباً في نجاته؛ لأنه كلما تذكر هذا العمل زاد من أعماله الصالحة.

وربما يعمل عملاً سيئاً يسيراً ويستهين به، فيكون سبباً في هلاكه، فلا يعلم ما عند الله إلا الله، إنما نرجو للمحسن، ونخاف على المسيء، هذا المعلم الأول.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015