Q هل يجوز للمسلم أن يجاري مجتمعاً ما على بعض تقصيرهم، والتنازل عن بعض السنن دون الوصول إلى الواجبات، وذلك لكسب مودتهم وارتياحهم لكي يتمكن من دعوتهم إلى الطريق المستقيم؟
صلى الله عليه وسلم الإنسان يدعو بالقدوة، وينظر إلى الدين على أنه كل لا يتجزأ، أعني أن الدين كله دين وكله شرع، وهو يريد أن يدعو الناس إليه أصولاً وفروعاً وواجبات وسنناً، ولذلك ظهور الإنسان أمام الناس بالمظهر المتبع للسنة، قد يكون نوعاً من الدعوة، لكن -أحياناً- بعض السنن تكون غريبة على بعض البيئات، أو بعض الأشخاص، وهو يريد أن يدعو هذا الإنسان أو ينكر عليه منكراً عظيماً، أو يأمره بمعروف عظيم تركه، ويرى أنه لو فعل أمامه هذه السنة، لترتب على ذلك فوات ما هو أعظم منها، فها هنا يدخل باباً واسعاً ومهماً للغاية، خاصة في موضوع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهو باب المصالح والمفاسد، وهذا الباب له قواعد وأصول.
فمثلاً: يترتب على ذلك بعض المفسدة أن يترك سنة من السنن، وإن رأى أن هناك مفسدة أعظم ولا مصلحة أو المصلحة أقل، ترك هذه المصلحة القليلة تجنباً للوقوع في المفسدة، مثل: لو كان سيرتكب محرماً، وفى نفس الوقت قد يكون المنكر الذي سيغيره قد يكون أقل مما وقع فيه أو مثله أو أكثر لكن أمله في الإصلاح ضعيف، أما إذا تساوت المصلحة والمفسدة فدرء المفسدة مقدم على جلب المصلحة -كما يقال- وتطبيق هذه المصلحة يختلف من شخص إلى آخر، وهناك ميدان رحب للاجتهاد، لكن الأصل أن الإنسان لا يرتكب محذوراً شرعياً.