Q تكثر المنكرات في منزلنا ويبقى المرء أمام خيارين: إما أن يجلس مع أهله في وجود المنكرات، أو يترك الجلوس مع أهله ويترك المنكر، فما العمل في نظرك في هذه المشكلة التي تواجه كثيراً ممن يريدون أن ينكروا المنكر؟
صلى الله عليه وسلم أولاً: سددوا وقاربوا، فالإنسان الحكيم يراعي أن يوفق بين التزامه بالشرع، وبين ما يقتضيه وجوده في المنزل، فآخر الحلول أن يقال للإنسان: اخرج من بيتك، هذا آخر الحلول، لكن الأصل أن تبقى في منزلك، وتحرص على أن لا توجد في الأوقات التي تكون المنكرات فيها موجودة، وإذا بقيت فلا تستجب لهذا المنكر، أي إذا سمعت منكراً بأذنك، وأنت لم تقصد سماعه ولم تصغ له، فلا عليك في هذا، من حيث السماع، لكن يأتي عليك واجب شرعي من حيث الإنكار، إنما أتكلم الآن عن موضوع موقف الشاب في بيته، هل يبقى مع وجود المنكر أو يخرج فيترك الأهل؟ لكن نأتي للنقطة الثانية: وهي أن يقوم الشاب بمسئوليته في بيته، في الإصلاح، في الدعوة، لا تبق سلبياً تأكل وتشرب وتنام في المنزل فقط! {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ} [النحل:125] حاول أن تؤثر في أهلك، في إخوانك، في أخواتك، وسبق أن ذكرت مراراً أن هناك حوادث كثيرة يعرفها الجميع، يتغير البيت كله بسبب واحد من الأولاد اهتدي، فأثر على أخيه الآخر، ثم على أخته، ثم على أخته الأخرى، ثم على الأم، ثم على الأب، ثم أخرج التلفاز، وسُفِّر السائق، وسُفِّرتْ الخادمة، وبقي البيت بيتاً نظيفاً، أُخرجت الأغاني، ودخلت الكتب والمجلات الإسلامية، الأشرطة المفيدة، وحلقات العلم والذكر، والسبب هو بتوفيق الله فرد واحد.
فليجعل الإنسان من مهمته إصلاح هذا البيت، وتغييره جذرياً، بتعيير نفوس أهله وتعريفهم بالمنكر والمعروف، وهذا أمر يحتاج إلى نوع من الصبر، والوقت، والأناة، وسعة البال، فإذا قدر أن الإنسان استفرغ وسعه في هذا الطريق ويئس، حينئذ ليس أمامه إلا الخروج -كما أسلفت- فليبحث مثلاً عن قرينة صالحة، ويستقل في بيت، ويبني هذا البيت بناء إسلامياً.