نقطة أخرى -ربما تكون خامسة حسب ترتيبنا- وهي تتعلق بصفات الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر، وأهم الصفات أربع:- الصفة الأولى: العلم، لا بد أن يعلم أنه منكر حتى ينكره، وأن هذا معروف حتى يأمر به، وأن يعرف الطريقة المثلى للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فلابد من العلم، ومن أنكر بجهل فقد يفسد أكثر مما يصلح، بعض الجهال ينكرون مالم يألفوه.
صليت يوماً من الأيام إلى جوار بعض العوام، فتنفلت راتبة الفجر، ثم تناولت المصحف لأقرأ شيئاً من القرآن، فالتفت إلي وقال: لا يصح هذا، لابد إذا انتهيت من الصلاة تسلم على من يمينك، ثم تسلم على من شمالك، ثم ترفع يدك وتدعو بما تريد، ثم تقرأ، فقلت له: سبحان الله! هل تعلم دليلاً ورد في مشروعية سلام الإنسان إذا انتهى من النافلة على من يمينه أو على من شماله؟! قال: لا، والله ما أدري، قلت: هل تعلم دليلاً عن النبي صلى الله عليه وسلم في مشروعية واستحباب رفع اليدين بعد صلاة النافلة؟! قال: لا، والله ما أعلم، قلت له: لماذا تنكر إذاً؟! فقال: علمني -جزاك الله خيراً- فأخبرته إن هذه الأشياء أقل ما يمكن أن نقول أنها ليست سنة ينكر على من تركها، أي هي مترددة بين أمرين، إما أن تكون مباحة، أو تكون غير مستحبة، وفى هذا الموضع بالذات، وإلا فأصل السلام مشروع، وأصل الدعاء مشروع، لكن التزام ذلك عَقِبَ صلاة النوافل فيه نظر، فلابد أن يكون المُنْكِر عالماً على الأقل بما ينكر وبما يأمر.