ميزان معرفة العمل

Q الحمد لله وبعد، قد يصعب على المرء معرفة حقيقة أعماله، أو بعضها: أهي من قبيل الصورة أم من قبيل الحقيقة، فهل هناك ميزان ثابت يمكن أن نحاكم إليه أعمالنا؟

صلى الله عليه وسلم نعم، هناك ميزتان، ولعلي أشرت إليها وهما أن الأعمال الحقيقية تترك أثراً، والأعمال الصورية لا تترك أثراً، اللهم إلا قليلاً جداً، فأنت إذا صليت وانتهيت من الصلاة، اسأل نفسك، أنت قمت بعبادة ووقفت بين يدي الله، لكن بعد ما أنهيت الصلاة هل تحس بأن قلبك تغير وازداد أم لا؟ إذا لاحظت أن فلاناً الذي دخل بالصلاة هو فلان الذي خرج من الصلاة، ربما كان قبل الصلاة يفكر بأمر منكر، حتى في أثناء الصلاة يفكر فيه، وبعد الصلاة لا زالت النفس تدعوه إلى هذا المنكر، إذاً الصلاة هنا صورة وليست حقيقة، لكن إذا كنت أحس إذا خرجت من الصلاة -فعلاً- أحس بانتعاش بقلبي، وأحس بيقظة، وأحس بحرارة من الإيمان ولو شيئاً قليلاً، فهذا دليل على أن الصلاة فيها شيء من الحقيقة، ولو بعض الحقيقة.

انظروا أيها الإخوة: المسلمون كانوا يصلون صلاة الخوف وهم في وجه العدو، ويركعون، ويسجدون، أو يومئون، مما يوحي أن الصلاة أمر عظيم لا يشغل عنه شيء، فكيف بالإنسان منا وهو يصلي بحال الأمن والاطمئنان، وتوفر كل ما يحتاجه، ومع ذلك لا تجتمع الهموم والهواجس عند الإنسان إلا في الصلاة، وهذا مصداق قول الرسول صلى الله عليه وسلم: {إن الشيطان إذا أقيمت الصلاة أقبل حتى يحول بين الإنسان وبين صلاته، يقول له: اذكر كذا، اذكر كذا} هذا هو الحاصل، يحول الشيطان بينك وبين صلاتك حتى إنك -أحياناً- لا تستذكر الصلاة إلا عند التسليم أو قرب التسليم، وأحياناً يتذكر الإنسان أنه غافل عن الصلاة وهو -مثلاً- في التشهد الأخير، فيقول: هذه الصلاة انتهت، ليس هناك فائدة أن أخشع فيها، لكن في الصلاة القادمة.

أقول: لا، حتى لو لم تمتثل بالخشوع في الصلاة إلا قبل التسليم وأنت تدعو بالدعاء: (أعوذ بك من عذاب جهنم) حاول أن تستدرك الباقي، وحاول أن تستحضر معنى ما تقول: فهذا ميزان لا يخطئ في الفرق بين الحقيقة والصورة، الأعمال الحقيقية تترك أثراً على الإنسان والأعمال الصورية لا تترك أثراً.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015