الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين، أما بعد: أيها الإخوة: أحييكم في بداية هذا المخيم المبارك، وأسأل الله عز وجل بأسمائه الحسنى وصفاته العليا أن يجعل هذه الأيام والليالي التي نقضيها خيراً لنا في ديننا ودنيانا، وأن يجعلها وسيلة للود والمحبة وتحقيق الأخوة فيما بيننا، وأن يجعلها فرصة للتدرب على الأخلاق الإسلامية التي وصف الله سبحانه وتعالى عباده المؤمنين بها، فقال: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْأِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً} [الفتح:29] .
أيها الإخوة: لقد عشنا سنة مضت في مخيم كهذا المخيم، ولا زالت ذكرى تلك الأيام التي قضيناها فيه ماثلة في أذهاننا، وما دفع الإنسان إلى المشاركة في هذا المخيم إلا ما رآه في تلك الأيام من التجاوب، والمحبة، والود، والأخوة التي جعلت الإنسان ينسى جميع الأشياء التي خلفها وراءه، ويعيش لحظات من الأخوة الإسلامية، والصفاء، (لو علم الملوك وأبناء الملوك ما نحن فيه، ثم لم يجدوا إلا أن يجالدونا عليه بالسيوف لجالدونا عليه) .
فالحمد لله الذي جعلنا من أهل هذه الخصال، ومن أهل هذه الصفات، فأسأل الله سبحانه وتعالى أن يزيدنا منها وأن يعيننا على أنفسنا.