هذا كله يجري في الوقت نفسه تقع مصيبة من المصائب إلى جوارنا.
فهذه رسالة وصلتني لمن سمى نفسه مسلم مخلص غيور يقول بعد المقدمة: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد: لا أدري كيف أسطر هذه السطور من رسالتي التي أرسلها إليكم وأنا أداوي جرحاً غائراً من الذل في قلبي، من الغثاء الذي نسمعه ونراه من وسائل الإعلام الحكومية والشعبية الكويتية للأسف، وليس الأمريكية بالطبع، مرارة وحرارة وذلة وهوان ما بعده هوان، نعم! إنها تغني بمقدم رئيس أمريكا السابق جورج بوش وتقول: خوش حياك الله يا جورج بوش كل شعبنا ناداك كل شعبنا حياك، اسمك من ذهب منقوش يا مستر بوش قلوب مفروشة لك يا رسول السلام يا صاحب الشهامة، يا من وقف معنا حين خذلنا بعض إخواننا يا منقذ مجد الكويت يا منقذ حضارة الآباء والأجداد يا حامي مستقبل الأولاد والأحفاد بهذه الأبيات الشعرية الرنانة والكلمات الشركية وغيرها يستقبل، وكل ذلك على حساب عقولنا وأموالنا ودمائنا، فقد دفعنا الفاتورة كاملة غير منقوصة، بل كنا وما زلنا ندفع مع جيراننا من أهل النفط فاتورة الاقتصاد الأمريكي المنهار، وأولاً وأخيراً فإننا ندفع الفاتورة من ديننا وأخلاقنا، إننا نطالبكم أن تتحدثوا عن هذا الموضوع في دروسكم وخطبكم وتنبهوا عنه، فنخشى أن يتكرر هذا الأمر في بلدان أخرى، وإنني أشكر هذا الشاب المسلم المخلص الغيور من أرض الكويت، وأقول للإخوة جميعاً في الكويت وغيرها: إن مثل هؤلاء كثيرون بحمد الله في الكويت، ممن تغلي قلوبهم، وتنزعج نفوسهم، وتضيق صدورهم ذرعاً بهذا الذي يجري، ولكن لا حول لهم ولا طول، وهو قرار حكومي نافذ! ولعل من الأخبار التي تتعلق بذلك وتدلك على مبالغ التكاليف التي صرفت ما نشرته بعض الصحف ومنها جريدة الشرق الأوسط وإن كنت لا أشتريها ولا أنصح بشرائها، ولكن هذه قصاصة يقول: إنه بدأت الزيارة متأخرة بأربعة وعشرين ساعة عن الموعد الأساسي، وذلك بسبب خلل فني طرأ على الطائرة التي وضعتها الكويت تحت تصرفه، وكانت الطائرة التابعة للخطوط الجوية قد اضطرت للهبوط بعد حوالي ساعة من إقلاعها من مطار هيوستن بعد سقوط جزء من جناحها -إنها طائرة معدة بعناية ولكن الله عز وجل قدَّر أن يوجد هذا الخلل في جناحها الأيسر فسقطت، وكان ذلك خلال بعض المطبات الهوائية المفاجئة- وقالت المتحدثة: إن الحادث مر بسلام، وقال المتحدث باسم الرئيس: إن الطائرة أصيبت بعطل ميكانيكي، وإن الرئيس وعائلته قد غادروها بعد لحظات من هبوطها في مطار هيوستن، وقال: إن الطائرة كانت نقلته هو وزوجته وابنه وزوجة، وولده ولديها مع عدد آخر من المساعدين والمرافقين، وأنها كانت ستتوقف في واشنطن؛ لينضم إليها وزير الخارجية السابق جيمس بيكر والرئيس السابق لهيئة موظفي البيت الأبيض وكان الديوان الأميري قد أعلن عن تأجيل الزيارة ليوم واحد، بعد أن تم تأمين طائرة جديدة تابعة للخطوط الجوية الكويتية لنقل الرئيس، وأعلن أن برنامج الزيارة لم يتغير لكن المواعيد عدلت لملائمة التعديل الذي طرأ على موعد الوصول، وقد دفعت بطبيعة الحال مئات الآلاف، بل ملايين الدولارات بما يسمى عاصفة الحب الذي استقبلت الكويت بها الرئيس الأمريكي، وقد جاء من جراء ذلك عبارات غريبة تدل على مدى ما وصلت إليه عقول الكثيرين، وقصائد وأغاني حتى باللغة الإنجليزية، وغنت مطربة كويتية شهيرة مثل ذلك بلغة غربية إنجليزية ترحب بالرئيس، وأقيمت الاحتفالات، وصف الطلاب والطالبات على جوانب الطرق، وعلقت الصور على جنبات الطرق أيضاً، وكان هناك أشياء من هذا القبيل.
يقول بعضهم ما نشر في جريدة الأنباء: أبلغ الرجل العظيم بوش أنَّ صورة وإعلام أمريكا العظمى والصديقة محفورة في قلوبنا، إضافة تتصور في ديواناتنا وصالات منازلنا، بل على سياراتنا، هناك مطالبة بمنح الرئيس بوش الجنسية الكويتية، بل ويكون منحها حقاً مكتسباً لذريته من بعده، وماذا يستفيد بهذه الجنسية؟ اقتراح أن يقام له نصب تذكاري يليق بمكانته ومقامه.
ويضيف الكاتب: ويستطيع الرئيس أن يقدم حجر الأساس لهذا النصب -يعني: يوضع له تمثال في موضع بارز من الكويت- يأمل ألاَّ يتخلف كويتي واحد عن الخروج من منزله الذي أعاده له بوش لتحية هذا الرجل الشريف الشهم.
العنوان بخط عريض (عساك سالم ما قصرت) نقدم لك الحب نيابة عن نصف سكان العالم في الشرق، حيث اشتركت في تحريرهم من العبودية الفكرية والسياسية بعد سبعين عاماً من اليأس، اللجنة التحضيرية لجمعية النفع العام دعت المواطنين للتوافد إلى ساحة العالم رافعين الأعلام والشعارات والصور وليحتفل الجميع بمقدم هذا الرجل لأرض الكويت الحرة.
الكلمات كثيرة هذا أهونها: بلقاك هذا يوم عيد ويهتف بالحب والتمجيد أنت صفحة خالدة في تاريخ الكويت، شكراً أبا عبد الله يوم زيارتكم للكويت يوم عزيز علينا، طالما تطلعنا بل تلهفنا، نقولها بكل صدق وإخلاص مرحباً بفخامة الرئيس والأرض التي تطأها قدمك ستسمع همسها وهي تقول مرحباً بأبي عبد الله العزيز الكريم كل هذا لا أقول فقط نشر في صحف كويتية، بل ينشر ويدخل إلى هذه البلاد، ويشترى ويوزع بين الناس دون أن يجد من ينكره، مع أن في ذلك الكلام الكثير منه من ألوان التعظيم لهؤلاء النصارى المشركين، ونسبة الأعمال إليهم ونسيان الفواصل الشرعية التي تفصل بيننا وبينهم، بل والجهل والغباء السياسي، وتصور أنهم ما فعلوا ذلك إلا من أجل سواد عيوننا.
على كل حال أترك هذا الموضوع على خطورته، لأن عندي موضوعين يجب التكلم عليهما: