أيها الإخوة: إن المهاجرين والمجاهدين في أمس الحاجة إلى عونكم، وإنها قضية جديدة تتطلب منكم الدعم العاجل.
أما القضية الثالثة: فهي على مسافة ليست بعيدة من هناك في بيشاور، حيث بقايا المجاهدين العرب والمسلمين الذين بذلوا دماءهم رخيصةً في سبيل الله وقاتلوا بالأمس في أفغانستان وضربوا أروع الأمثلة، ثم التفتت عليهم الحكومات الإسلامية والعربية، ومن ورائها الحكومة الطاغية النصرانية الصليبية الحاقدة أمريكا التي تحرك تلك الدمى من أجل الضغط على المسلمين.
إن أمريكا لا تريد أن يقوم حكم إسلامي في أفغانستان، ولا يقوم حكم إسلامي في طاجكستان، بل ولا أن يقوم جهاد إسلامي هنا أو هناك، ولهذا تتكتم على تلك الأخبار، وتدعم القتلة في طاجكستان وتكف يدها لدعم حكومة باكستان وتهددها بأنها سوف تُدْرِجباكستان ضمن الدول التي تدعم الإرهاب، لماذا؟ إن باكستان آوت بقايا المسلمين الذين جاهدوا أمس على جبال أفغانستان، وهذه رسالة من إخوانكم إلى المشايخ الفضلاء والدعاة الكرام، إلى جميع الغيورين الذين أزعجتهم ما نشرته وسائل الإعلام حول الأوضاع التي تمر بها بيشاور وباتوا يتساءلون عن صحة ما يجري.
أولاً: نشكر للجميع غيرتهم، ونفيدهم بما يلي: إنه في يوم الثلاثاء، فوجئنا بهجوم رجال الأمن الباكستاني، لمنازل الإخوة العرب، وتربصوا بهم عند المساجد والطرقات، بل واقتحموا عليهم في آخر الليل وأفزعوا أهاليهم وأطفالهم.
لقد كان الاعتقال في صورة استفزازية حيث حشد الإخوة في معتقلات ضيقة متسخة، في الغرفة الضيقة يسجن أربعون من الإخوة بحيث لا يستطيع أحدهم أن يمد رجله فضلاً على أن ينام، ومن أراد أن يرتاح فإنه يقف، وقد شمل الاعتقال كل العرب من غير تعليل أو إبداء سبب، مع أن إقامة الكثير منهم طبيعية ورسمية وسارية المفعول بصفة نظامية، هؤلاء الشباب الذين تركوا أوطانهم وأموالهم وأحبابهم وجاءوا يحملون أرواحهم على أكفهم يبتغون الموت مظانه نصرةً للدين وإعلاءً لكلمة الله عز وجل {فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ} [الأحزاب:23] رجع الباقون منهم بعد أن واروا أجساداً طاهرة في التراب، رجعوا وهم يحملون جراحاتهم، ومنهم من فقد يده، ومنهم من فقد رجله، ومنهم من فقد عينه، رجعوا يحملون جراحاتهم وهمومهم، وقد كان حقهم أن يكرموا وينزلوا منازلهم، وإذا بهم يفاجئون أنهم بين سجينٍ وقابعٍ في داره يتوقع هجوم رجال الأمن، وتركت كثيرٌ من الأسر تسامر الليل حيث عائلهم خلف قضبان الحديد والله المستعان.
أما الوضع القائم الآن، فإنه قد خرج بعض الإخوة من السجن بنفسية محطمة للمعاملة السيئة التي قوبلوا بها بعد أن استخرجت لهم تذكرة أو كفالة مالية، وبقي آخرون متحفظ عليهم لا يدرى ما الله تعالى صانع بهم.
أما يوم الأربعاء (22/10) فقد عادت الاعتقالات من جديد والوضع يؤذن بالخطر، نسأل الله العافية وحسن العاقبة، وقد تحرك بعض الدعاة والعلماء لاستنكار هذا العمل، وأصدرت الجماعة الإسلامية في باكستان بياناً استنكرت الوضع، وقد نشر في بعض الصحف، ومستقبل هذا يشير إلى أبعاد خطيرة منها: أولاً: إن بعض المعتقلين من الإخوة العرب الذين تطالب الحكومات العلمانية بهم في مصر والجزائر وغيرها، ومعلوم أن هناك تنسيقاً أمنياً بين باكستان ومصر وأمريكا، وأن أمريكا تضغط على باكستان من أجل تسليم هؤلاء إلى تلك الحكومات، ولو سلم إلى حكومتهم فمن المعلوم ماذا سوف تكون العاقبة.
الأمر الثاني: خشية أن يكون هناك مواجهة بين الأمن الباكستاني وأولئك الإخوة العرب، وهذا أيضا أمر خطير ويعود ضرره على المسلمين.
الأمر الثالث: هو تفرق هؤلاء الإخوة وتشتتهم في تلك البلاد، وفي بلادٍ كثيرة لا يستطيعون أن يجدوا فيها المكان الطيب الذي يأمنون فيه على دينهم وعلى أخلاقهم.
وهذه -أيضاً- رسالة من جمعية إحياء التراث، وأقرأ جانباً منها فقط يقول: جاءت الاعتقالات بعد تحذير أمريكي بضرورة إخراج العرب من باكستان أو وضع باكستان في قائمة الدول المساندة للإرهاب.
ثانيا: في ألمانيا تم توقيع اتفاقية لتسليم المجرمين بين باكستان ومصر، وعلى إثرها قامت مصر بتسليم قائمة تحوي خمسة وأربعين اسماً مطلوب تسليمهم، منهم من حكم عليه غياباً بالإعدام؛ لمشاركته في الجهاد الأفغاني، وينتظر وصوله إلى مصر، ليوقع عليه الحكم.
ثالثاً: تعهدت مصر لباكستان بالتوسط لدى أمريكا بعدم إدراجها قي قائمة الدول الداعمة للإرهاب! رابعاً: حملة الاعتقالات يقوم بها رجال الشرطة مع المخابرات، بعد تعدي المفوضية العامة للمهاجرين والتي تتعامل مع العرب والمؤسسات العاملة لخدمة الجهاد الأفغاني طوال العشر سنوات الماضية، فلم يسلم من الاعتقال أحد من العاملين أو غيرهم! خامساً: تم التنسيق مع السفارات العربية والغربية في إسلام أباد ولتعمل حتى الساعة الثانية عشرة مساءً لتجيب عن أي استفسار فيما يتعلق بجوازات سفر الإخوة المأسورين، حتى أن قسم الشرطة اتصل مباشرةً بالسفارة الأمريكية؛ لإعطائه معلومات عن أحد الإخوة المأسورين هناك، وأعطيت المعلومات خلال عشر دقائق فقط، وقد تم التعامل مع الإخوة بالصورة التي أشرت إلى جانبٍ منها الآن، هذا الوضع هو وضع مأساوي وسيئ، ونحن نطالب الجميع بإن يكون لهم دور سواء في تصعيد هذه القضية في المجال الإعلامي عبر الخطب والمحاضرات والدروس، أو في إصدار البيانات التي تشجب وتدين ما حصل وتبين الواجب اتخاذه في حق هؤلاء، في تلك البرقيات التي ترسل إلى حكومة باكستان لتكف عن مثل العمل الذي قامت به، أو في دعم هؤلاء الإخوة ومساعدتهم بكل وسيلة ممكنة، ومن ذلك دعمهم بالمال، لأنهم في أمس الحاجة إليه.
أيها الإخوة: إن العالم اليوم يلتفوا عن المسلمين، فأنت ترى أمريكا اليوم كيف تدخلت بشكل مباشر، وبعثت الخبراء إلى باكستان، ولكنها لم تفعل مثل ذلك بالنسبة للصرب، وكأن الإرهاب الذي يمارسه الصرب، حيث يقومون بأعمال فضيعة يعجز اللسان عن وصفها، كأن هذا الإرهاب ليس إرهاباً، وليس اعتداءً، وليس انتهاكاً لحقوق الإنسان، إنما الإرهاب الحقيقي هو الذي يقوم به المسلمون.
أقول لكم أيها الإخوة وسوف تذكرون ما أقول لكم: إن أمريكا هددت السودان بأن تجعلها على قائمة الدول التي تدعم الإرهاب، بل لعلها أدرجتها، لماذا؟ لأنها قاتلت النصارى في الجنوب، وإن أمريكا تريد أن تجعل منظمة حماس الإسلامية الفلسطينية ضمن المنظمات الإرهابية لماذا؟ لأنها تقاوم الاحتلال اليهودي لبلاد المسلمين، وإنني أعتقد -والله أعلم- أنه سوف يكون اليوم الذي يقال فيه للمسلم البوسني الذي يدافع عن بلده ويدافع عن دينه ويقاتل الصرب أو كرواتيا المعتدين، ألقِ السلاح وإلا سوف تدرج ضمن المنظمات الإرهابية، التي يتحالف العالم كله على قتالها، سيقع هذا إن دامت الأمور على ما هي عليه.
إن دام هذا ولم يحدث له غير لم يبك ميت ولم يفرح بمولود ولكننا نسأل الله عز وجل أن يحول بين أعداء الإسلام من النصارى وبين ما يشتهون، ونسأل الله تعالى بأسمائه وصفاته أن يشغلهم بأنفسهم، وأن يشغلهم باقتصادهم المنهار، وأن يشغلهم بأمنهم القلق، وأن يسلط عليهم الجماعات والمنظمات الإرهابية من داخل بلادهم وخارجها، فتجعلهم ينهمكون بهمهم الداخلي، وبمشاكلهم الداخلية عن أن يلاحقوا المسلمين في كل مكان.