قد غص بهذه الدعوة ودعاتها ورجالها الأفذاذ؛ طوائف من الناس أذكر منهم على سبيل المثال لا على سبيل الحصر طائفتين:- الطائفة الأولى: العلمانيون والمستغربون، سواء أكانوا من المتنفذين في مناصب دبلوماسية أم سياسية أم غيرها، أم من المتربعين على عروش الصحافة، الذين يستغلون مناصبهم للتشهير بالدعاة والطعن فيهم، وهؤلاء -دائماً وأبدًا- يرفعون عقيرتهم بالتخويف من الدعاة، ودق ناقوس الخطر القادم الذي يهدد البلاد والعباد، ويهدد بانشطار الوحدة الوطنية -زعموا- وتشتيت الأمة، وتمزيق البلاد وإحداث الحروب الأهلية، إلى غير ذلك من الدندنات التي طالما روجوا لها وأشهروها، وخوفوا بها وأجلبوا عليها بخيلهم ورجلهم؛ ليزعزعوا بذلك الثقة بالدعاة، ويوجدوا الخوف منهم في نفوس الجميع حكامًا ومحكومين، وخابوا وخسروا في ذلك، فإن الأمة أعرف بدعاتها ورجالها وشبابها وأبنائها؛ فالأمة أعرف بهم منهم، وهيهات هيهات أن ينخدع الناس بدعاويهم الباطلة وأكاذيبهم وحيلهم! وهم يعرفون هؤلاء الدعاة على سبيل الحقيقة، والأمة قد قالت كلمتها بالأمس واليوم وغدًا في هؤلاء الدعاة، وما نتائج الانتخابات التي سمعنا عنها في الجزائر إلا مثال واحد فقط من آلاف الأمثلة التي تقول لنا صباح مساء إن الأمة تعرف الدعاة حقيقة، والأمة حين تعود لنفسها فإنها لن تختار عن الدعاة بديلاً، ولن ترضى فيهم قيلاً، ولن تسمح فيهم قول الشاني والمبغض والعدو الكاشح الذي ما عرفته الأمة داعية، ولا عرفته مجاهدًا مناضلاً، ولا عرفته عابداً، وإنما عرفته في أماكن أخرى.
وهذا الصنف الأول طالما تحدثوا وتكلموا، وزعموا أنهم فعلوا ذلك حتى لا تكون فتنة، وما الفتنة إلا ما قالوا وما زعموا وما أبرموا وما كتبوا وما تحدثوا.
أما الصنف الثاني: فهم بعض ضعفاء النفوس، وقد يكون من بينهم المنتسبون إلى شيء من الدعوة أو العلم، لكنهم شرقوا لسببٍ أو لآخر، إما لاجتهاد خاص بهم، وإما لحسد قام في نفوسهم أو لغير ذلك من الأسباب، فتكلم منهم من تكلم في أعراض جماعة من الدعاة المشهورين، كالداعية الكبير سفر بن عبد الرحمن الحوالي، والداعية الكبير الدكتور ناصر بن سليمان العمر، والداعية الكبير الشيخ عائض بن عبد الله القرني، وأمثالهم من الدعاة المعروفين المشهورين، فتكلم فيهم طائفة بما تكلموا به، وحاولوا أن يشوهوا هذه الصورة المثالية الجميلة في نفوس الناس، وتسمع بعض الناس إلى بعض الأشرطة أو إلى بعض الأوراق أو بعض الكتابات، أو بعض المجالس التي خصصت للنيل من هؤلاء الدعاة، وربما سمع الكثير من الناس مثل هذا الكلام، ولعل الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز وهو من هو في علمه وجلالته وفضله الذي ينطبق عليه قول الشاعر: كأنه وهو فرد من جلالته في عسكر حين تلقاه وفي حشم فهو الرجل الذي عرفته الأمة -دائماً وأبداً- متصدياً لقضاياها ومتحمساً لها؛ فقد ترامى إلى مسمعه ما ترامى إلى سمع الآخرين من نيل العلمانيين والمستغربين، ونيل بعض ضعفاء النفوس من الدعاة فهاله ذلك وأزعجه وآذاه، فآلى على نفسه إلا أن يقول كلمته كما هي عادته، ومن ثم أصدر هذا البيان الذي تسامع الناس به في كل مكان.