قصة خبيب

وكما حصل لـ خبيب بن عدي رضي الله عنه كما في القصة المعروفة لما كان مأسوراً بمكة، حتى وهو يصلب على الجذع ليقتل، ما قال: انتهت الفرص وما بعد القتل شيء! لا، بل فكر أنه حتى في هذه الحالة عنده وسائل كثيرة جداً في الدعوة إلى الله ونصرة الإسلام، كيف؟! مثلاً: قصة الغلام الذي دخل عليه يعطيه الموسى الذي كان يريد أن يستحد به، فأجلس الغلام في حجره وقبله، وقال له: [[لعمرك ما خافت عليك أمك حين أرسلتك إليَّ]] ثم أطلقه! وهذه كانت دعوة كبيرة جداً من خبيب، وكأنه قال للمرأة ما معناه: إن المؤمن لا يغدر ولا يخون، وكنت أستطيع أن أقتل هذا الغلام، وآخذ بثأري وأنا حي، ولكني لم أفعل، فكان في هذا من الأثر على المرأة الشيء العظيم.

بعد ذلك لما أخرجوه قال: إن رأيتم أن تدعوني أصلي ركعتين فعلت، فتركوه فصلى ركعتين أتمهما وأحسنهما؛ ولم يطل خشية أن يظنوا أنه أطال خشية الموت، وقال: لولا أن تظنوا أنني إنما أطلت خوفاً من الموت لأطلت أولاً: صلى ركعتين، وهذه عبادة، ثم جعلهم يفكرون جيداً في هذا الأمر الذي يقبل عليه وهو في هذه الحالة، ومرة أخرى أيضاً أقبل عليهم ودعا: [[اللهم احصهم عدداً، واقتلهم بدداً، ولا تبق على الأرض منهم أحداً]] فكانت هذه الدعوة انتصاراً للدين الذي يحمله، والدعوة التي قتل من أجلها.

وقد حقق الله تعالى ما دعا به؛ فما منهم أحد إلا أصيب، إلا أفراداً قلائل ممن من الله تعالى عليهم بالإسلام، وتداركوا هذه الدعوة.

أرأيت كيف استطاع خبيب بن عدي أن يقوم بواجبه في الدعوة إلى الله تعالى، وهو مأسور بمكة محكوم عليه بالقتل؟! أرأيت كيف قام بواجبه في الدعوة وهو يصلب إلى جذع نخلة وتصوب إليه السهام، ليقتل؟! وليست المسألة مسألة خبيب بن عدي أو غير خبيب بن عدي، وهكذا كل داعية جاد صادق يستحيل أن يضع الناس في طريقه السدود والعقبات والموانع، وقد يضعون العقبات، لكنهم لا يستطيعون أن يوقفوه، ولا يستطيعون أن يضعوا الموانع والسدود أمامه أبداً مهما حاولوا!

طور بواسطة نورين ميديا © 2015