المهم أن أبو سفيان أسلم بعد ذلك وتشهد، شهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم كأنه يطلب الأمان لقريش، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: {من دخل المسجد فهو آمن، ومن أغلق عليه بابه فهو آمن، ومن دخل دار أبي سفيان فهو آمن} لماذا أبو سفيان بالذات؟ لأن أبا سفيان رجل يحب الفخر! والرسول عليه الصلاة والسلام مثلما كان يعطي المؤلفة قلوبهم من الأموال حتى يسلموا، أعطى -مثلاً- عيينة بن حصن والأقرع بن حابس وعباس بن مرداس، أعطى كل واحد منهم مائة من الإبل حتى يسلموا، ويلين قلوبهم للإسلام ويتألفهم على الخير بهذا اللعاع من الدنيا؛ كذلك يمكن أن يغري الإنسان للإسلام ويلطف قلبه بشيء آخر من أمور الدنيا، لأنه ليس كل الناس يحبون المال -فقط- فبعض الناس السمعة والمكانة أحب إليهم من المال، فلذلك الرسول عليه الصلاة والسلام بالنسبة لـ أبي سفيان قال: {من دخل دار أبي سفيان فهو آمن} .
فـ أبو سفيان راح لقريش يخبرهم بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قادم إليهم، وأنه على مشارف مكة فقال الناس: ما وراءك؟ قال: من دخل دار أبي سفيان فهو آمن، الرجل ذكر أشياء تتعلق به هو!! فقال له الناس: قاتلك الله! وما تغني عنا دارك؟! دارك تسعة عشر أو عشرين أو مائة، لكن بقية الناس أين يذهبون؟ قال: {ومن أغلق عليه بابه فهو آمن، ومن دخل المسجد فهو آمن} فذهب الناس إلى بيوتهم وإلى المسجد.
إن الرسول عليه الصلاة والسلام حين خص أبا سفيان، ليس لسابقته في الإسلام، ولا لمزيد جهاده وبلائه في الإسلام، فهو حديث عهد بالإسلام، لكنه رجل يحب الفخر، فعلم الرسول عليه الصلاة والسلام أن من تأليف قلبه على الإسلام أن يقال: من دخل دار أبي سفيان فهو آمن، وما خسر الإسلام شيئاً بذلك، بل كسب، ولذلك أسلم أبو سفيان وحسن إسلامه، ومثل كثير من هؤلاء المؤلفة قلوبهم، أسلموا وحسن إسلامهم.