فهذا يوحي ويدل على أن الإنسان إذا كان له في زمان صبوته وانحرافه طموح، وعنده مواهب، وله رغبات ينبغي ألا تحطم، وألا يحس من أول يوم يسلك طريق الهداية أنه مضطر إلى أن يلتزم بنظام رسمي معين، وروتين معين، وأدب شديد، ربما يصعب عليه الالتزام به، لا ينبغي أن نضع عواقب وعقبات أمام إنسان يريد أن يهتدي، قد يكون من بين هؤلاء المهتدين إنسان يقال له مثلما قال عليه الصلاة والسلام للأعرابي: {اعمل من وراء البحار} فليس من المفروض أن يكون كل الناس حفاظاً للقرآن الكريم أو طلاباً للعلم الشرعي، نعم! ينبغي أن ينفر من كل فرقة طائفة ليتفقهوا في الدين، لكن ليس كل الناس هكذا، من الناس من يقال: يكفي منه أن يستقيم، يكفي أن يكف شره عن الناس، ومن الناس من هو فوق ذلك، فالله عز وجل فضل بعضهم على بعض في الدنيا كما قال عز وجل: {انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَلَلْآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلاً} [الإسراء:21] وكذلك مكانة الناس في الآخرة بقدر فضائلهم في الدنيا، وخيار الناس في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا، فينبغي أن يكون لدى المربي والمعلم والمنشئ سعة بال على المبتدئين، فيطلب من كل إنسان منهم بقدر ما يستطيع، ولا يحمل الشخص الذي لا يملك قدرة فوق ما يستطيع، فيعجز عن هذا الحمل وينوء به، وربما يكون سبباً في انحرافه.