الناس يختلفون في مواهبهم، وقدراتهم، وما أعطاهم الله عز وجل، فالقعود بالإنسان عن طاقته ظلم له، وكذلك تحميل الإنسان فوق ما يحتمل إنما يكون كالجمل الذي إذا ثقل عليه الحمل، فإنه يبرك ولا يستطيع المسير، ولذلك الرسول عليه الصلاة والسلام كان يأمر الناس بالهجرة، ويدعوهم إليها، لكن لما جاء هذا الأعرابي، قال له: {اعمل من وراء البحار، فإن الله لن يترك من عملك شيئاً} لأنه قد يكون مصير هذا الأعرابي لو هاجر، مثل مصير ذلك الأعرابي الآخر الذي جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم مهاجراً، فلما أقام في المدينة استوخمها، وأصابته الحمى، فتضايق من المدينة، وجاء إلى الرسول عليه الصلاة والسلام وقال: أقلني؛ أقلني بيعتي، يريد أن ينسحب من الموضوع، فلما رفض الرسول صلى الله عليه وسلم خرج من المدينة ولم يبالِ، فقال الرسول صلى الله عليه سلم: {المدينة تنفي خبثها، وتنصع طيبها} .
إذاً فكل إنسان له طاقة ينبغي أن يعامل على ضوئها، فلا يزاد له فيظلم ويحمل ما لا يطيق، ولا ينقص منه فلا يؤدي ما يمكن أن يقوم به.