أحبتي الكرام: أسئلة كثيرة وكثيرة تدور حول قضية أفغانستان، وما موقفنا؟ وماذا نصنع؟ وما الذي جرى؟ وما الذي حدث؟ تساؤلات لا يأتي عليها الحصر، وأصدقكم القول منذ البداية أنه لن يكون موضوع حديثي هو الكلام عن قضية أفغانستان، وإن كانت هذه القضية تحتاج ليس إلى درس أو محاضرة أو جلسة فقط وقد سبق أن أشرت في أكثر من مناسبة، إلى أن قضية أفغانستان قضية كبرى في واقع المسلمين، وإذا عددت القضايا الكبرى التي شغلت المسلمين عبر سنين طويلة، فإن قضية أفغانستان تأتي في مقدمتها، مع مجموعة من القضايا الأخرى، كقضية فلسطين أو غيرها من القضايا المهمة.
ومن حق هذه القضية الكبيرة علينا؛ أن نعطيها بعض وقتنا وبعض جهدنا، وتفكيرنا، وأن تنعقد المؤتمرات والجلسات والندوات لمعالجة هذه القضية، والبحث في كل ما يتعلق بها من قريبٍ أو بعيد، ألا تعتقدون -أيها الأحبة- أن قضية بُذِلَ في سبيلها ما يزيد على مليون وخمسمائة ألف ممن نرجو الله تعالى أن يكونوا شهداء في سبيله، ألا تستحق منا أن ندرسها؟! قضية بذل في سبيلها مليارات الأموال، التي تعادل ميزانيات دول بأكملها! ألا تستحق أن ندرسها، ونستفيد منها العبر والدروس، ونعتبرها معلماً في تاريخ الدعوة وفي تاريخ الجهاد؟ أقل حق لهؤلاء القتلى الذين نرجو الله تعالى أن يكونوا شهداء، ولهذه الأموال الهائلة، الطائلة، ولهذه الجهود والدموع والدماء والعرق والسهر، والزمن الطويل الذي بذلناه، والتشريد والتطريد والهجرة، أقل حق لهذه التضحيات الجسيمة التي بذلناه نحن المسلمين؛ هو أن نعقد جلسات ودروس ومحاضرات، بل ومؤتمرات وحلقات للنقاش؛ لنأخذ الدروس والعبر، ونستفيد ونستلهم من هذه المواقف الكبيرة لحاضرنا ومستقبلنا هذا أقل حقٍ لهذه الجهود الكبيرة علينا، أما إذا تجاهلنا ذلك وتعامينا عنه، فمعناه أننا لم نقدر هذه القضية حق قدرها.