المجاهرة بالمعاصي

الْمَعْلَمْ السابع: هو كما قاله النبي صلى الله عليه وسلم: {كل أمتي معافى إلا المجاهرين} وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل عملاً بالليل فيصبح وقد ستره ربه فيقول: يا فلان عملت البارحة كذا وكذا! وقد بات يستره ربه وأصبح يكشف ستر الله تبارك وتعالى عليه، فإن الاستتار بالذنب أيها الإخوة! من أسباب العافية والتوبة، وقوله (معافى) أي: تنالهم العافية والمغفرة والرحمة، فهم أهل؛ لأن يغفر الله لهم برحمته وكرمه وجوده، إلا المجاهر الذي يعلن المعصية، فإن هذا الإنسان لا يعافى والعياذ بالله إلا إذا تاب وأقلع، وذلك لأسباب: من أهمها: أن المجاهرة تلويث للمجتمع، فالمجاهر لم تعد معصيته حكراً عليه، وبالعكس.

المجاهر يقول بأعلى صوته: للناس تعالوا لنجاهر، مثل الإنسان الذي ينشر حاجات مسمومة في الهواء، إذا أستنشقها الناس أثرت فيهم وضرتهم، وربما أودت بهم إلى الهلاك، فهو عنصر هدم وتخريب، ومعول دمار للمجتمع، ولذلك ذنبه عظيم جداً؛ لأنه لم يقتصر على نفسه، بل تعداه إلى المجتمع، بل إنك في بعض الأحيان تقول: يمكن أن المجاهر لا يؤمن بتحريم هذا الذنب، كيف يؤمن بتحريم المعصية وهو إذا جلس مع زملائه قال: والله أنا فعلت كذا، ويعتبر أن هذا من المروءة والفتوة والقوة والرجولة، وأنه فعل وذهب وخدع وضحك وأكل الحرام، وشرب الحرام، وارتكب الحرام، وجهر بالمعاصي، وبارز الله تعالى بالذنوب، ويعتبر هذا رجولة، ومروءة وقوة، هل هذا يؤمن بأن الزنا حرام؟! هل هذا يؤمن بأن الربا حرام؟! لا.

لو كان يؤمن لستر على نفسه، وما أظهر هذا الأمر، ولم جاهر به.

ومن أعظم صور المجاهرة والعياذ بالله أن الإنسان قد لا يكتفي بالكلام فقط، أو نقل الأمر، بل ينقل الصوت والصورة كما يقال، فبعض الذين ابتلوا بالمعاصي الكبار، قد يصل الحال به إلى أن يصور هذه المعصية وهو يتعاطاها ويفعلها، وينشر هذا أمام الناس ويفخر به والعياذ بالله ويعتبر هذا من كمال الرجولة، هذا من أجل أن يثبت شخصيته، مثل الطفل الصغير -أحياناً- إذا لم يربَّ، فإنه يعتبر التدخين من عوامل الكمال في الشخصية، وأنه دليل على أنه صار رجلاً، وأنه صار كبير.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015