الآن يتصور الكثيرون أن النصارى تحولوا إلى عِلمانيين، وأن الدول النصرانية تحولت إلى دول علمانية، والواقع أنه فعلاً من حيث ما يسمونه بالدستور، تحول إلى دستور علماني، بمعنى أنه -مثلاً لا يتدخل في أي دين، ولا يسمح للدين إلا في نطاق محدود.
لكن هذا في أمور معينة، أضرب مثالاً: إحدى المدارس النصرانية في أمريكا، طلبت من الحكومة أن تساعدها بأتوبيس، حتى تنقل الطلاب فيه، فبعد دراسة هذا الموضوع ودراسته، قرروا أنه لا يمكن صرف أتوبيس لهذه المدرسة قالوا: لأن الدستور دستور علماني، ونحن إذا دعمنا هذه المدرسة بأتوبيس، فربما يكون هناك ولي أمر لا يرغب أصلاً في نقل ولده للمدرسة، لكن إذا يسرنا سبيل النقل، قد يتحمس لمثل هذا العمل، إذاً نحن لا نتدخل.
ومن هذا المنطلق -أيضاً- نقل خبر في بعض الولايات، أنه في إحدى المدارس الحكومية -لاحظ الحكومية- أن الأطفال يرددون في الصباح نشيداً في روح دينية، أيها الرب القدير، باركنا ووالدينا وأساتذتنا وبلدنا؛ فهكذا ينشدون وهم نصارى، فعدّوا هذه مخالفة ومنعوا مثل هذا العمل، أي أنهم يمنعون ترديد أي نشيد ديني في المدارس.
ومثل ذلك مسألة تعليق الصور، والمسلمون نظرتهم للصور معروفة أصلاً، فلا يجوز تعليق الصور، وخاصة إذا كانت صور العظماء، فضلاً عن صور الأنبياء.
فإن الخلفيات التي تحكم سياسات هذه الدول، هي خلفيات دينية يقول أحدهم: رغم الاعتراف بمبدأ فصل الدين عن الكنيسة، أو فصل الكنيسة عن الدولة؛ فإن هذا لم يؤد إلى فصل الدين عن السياسة، بل إن تأثير الدين في الحياة الأمريكية ليمتزج بالتعليم، والطب، والأعمال، والفنون، والسياسة، وغيرها.
وإن جميع الجهود التي تبذل لعزل ناحية من نواحي الحياة عن الكنيسة ونفوذها قد ذهبت هباءً، فعن طريق الدين يمكن القيام بكل شيء.