نظرتهم إلى الأمة العربية

هذه الأمة العربية في نظرهم أمة محتقرة، أمة ذليلة، وفي الواقع هناك بعض النصوص التي يتعجب منها الإنسان، كيف تبلغ بهم الجرأة، وتبلغ بهم الوقاحة إلى استخدام مثل هذا الكلام الذي لا يليق، في الوقت الذي يعتبرون أنفسهم محتاجين إلى العرب وإلى المسلمين.

فهذا واحد منهم اسمه روبرت سون يقول أحد الباحثين: لا يوجد في عقله سوى الأيام الأخيرة من هذا الزمان، وغزو السوفيت والعرب لإسرائيل، واللامسيحية، وتزايد الزلازل والبراكين، والمجيء الثاني للمسيح.

وتتمحور الإجابة عن هذه القضايا عنده في أن إعادة مولد إسرائيل هي الإشارة الوحيدة إلى أن العد التنازلي لنهاية الكون قد بدأ، مع أنه مع مولد إسرائيل، فإن بقية النبوءات في زعمهم أخذت تتحقق بسرعة، ويبدو برنامجه باستمرار معادياً للعرب، وهو يعتبر العرب أعداء الله، ويعتبر أنه لا مجال للعدل مع الفلسطينيين، طالما أن رغبة الله -هكذا يعبر هذا الدنيء- في تأسيس إسرائيل، وفي تعيين حدودها.

وكذلك في فيلم اسمه "تفاحات الله" يقول هذا الفيلم -وهو فيلم وثائقي عن تاريخ الصهيونية- يقول: نحن نعرف المسيحيين من صميم قلوبنا، إن الله يقف بجانب إسرائيل وليس بجانب العرب الإرهابيين، وفي سنة (1982م) قدم في برنامج عنوانه: "إسرائيل مفتاح أمريكا للبقاء" استضاف القس مايك إيفانز أحد القسس المعروفين هناك.

فالمهم أن دعمهم لليهود وتخليهم عن العرب، مبني على قضايا دينية، ونبوءات توراتية، ويقولون في بعض إعلاناتهم: نحن ملتزمون بأمن إسرائيل، كما نؤمن بأن كل الأرض المقدسة هي ميراث للشعب اليهودي، غير قابل للنقل أو التصرف، وهو الوعد الذي أعطي لإبراهيم وإسحاق ويعقوب، ولم يلغ قط، كما إن إنشاء إسرائيل الحديثة، هو إيفاء لا ينازع للنبوءة التوراتية، ونذير بمقدم المسيح، ونعتقد أن اليهود في أي مكان ما زالوا هم شعب الله المختار، وأن الله يبارك من يباركهم، ويلعن من يلعنهم.

وفي هذا الفيلم أو البرنامج "إسرائيل مفتاح أمريكا للبقاء" يناشد إيفانز هذا القسيس الشعب الأمريكي التقدم لتأييد أفضل صديق للولايات المتحدة، وذلك بتوقيع إعلان البركة لإسرائيل؛ لأن الرب أمره بوضوح بإنتاج هذا البرنامج الخاص بإسرائيل، وينشر إعلانات عن برنامجه باللغة العبرية أحياناً، ويصف نفسه بأنه رئيس جماعة عشاق إسرائيل وعشاق اليهود.

والكلام في هذا الموضوع طويل، وإنما أردت أن أشير إلى أن قضية الدين لا يمكن تجاهلها بحال من الأحوال، وما زال النصارى مثلهم مثل اليهود، يتوقعون اليوم الذي يهدم فيه المسجد الأقصى، ويبنى هيكل سليمان مكانه، ويتحدث المرشدون السياحيون الإسرائيليون عن الخطط الجاهزة لذلك، بما فيها مواد البناء، وإعداد لوازم الهيكل، والثياب الحريرية التي سوف يرتديها كهنة الهيكل بعد إنجازه.

ويزعمون أن هذا تم بناءً على إرادة الله، وأنهم يفضلون أن يكون المكان خالياً لبناء الهيكل، ومن الممكن أن ينهار المسجد والصخرة بإرادة الله، أو نتيجة زلزال، أو أي شئ آخر، والشيء الآخر هو أن يقوم رجل -كما زعموا- مجنون أسترالي ويحرق المسجد الأقصى، ويأتي مجنون آخر فيكمل العملية، وتقيد القضية على مجهول أو على مجنون.

فعلى كل حال، الدين يهيمن على حياة الناس في الشرق والغرب، ومن يتصور أن يحارب الدين، فهو ينطح بقرنه جبلاً لا يمكن أن يواجهه بحال من الأحوال، ومن يتصور أن الشعوب الغربية، أو الشرقية أو اليهود أو غيرهم، قد تخلوا عن دينهم وأصبحوا علمانيين، تحكمهم المصالح المادية فقط، فإنه -أيضاً- يتجاهل حقيقة مادية علمية، فإن هذا الكتاب الذي أتحدث عنه وغيره كثير مثل كتاب "الغرب في مواجهة إسرائيل" لـ مازن المطبقاني -مثلاً- وكذلك "الإسلام والكونجرس".

فهذه الكتب كتب وثائقية، وخاصة هذا الكتاب فهو رسالة دكتوراة تعتمد على وثائق في غاية الدقة، وتثبت بما لا يدع مجالاً للشك، أن الدين أكبر مؤثر في مواقف الغرب وفي دعمهم لليهود، وفي تخليهم عن العرب، وفي أشياء كثيرة، بل إنه ذكر أن هذه الجماعات عارضت أكثر من مرة صفقات أسلحة كان من المقترح أن تقدم لهذه البلاد، وأيدت بقوة أي صفقة أسلحة تدعم بها إسرائيل.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015