أيها الإخوة: يجب على كل مسلم يسمع هذا الحديث أن يرتعد ويخاف، لأن راويه وهو أبو هريرة، كان حين يريد أن يحدث بهذا الحديث، ينشغ ويشهق حتى يغمى عليه، ثم يفيق، ثم يغمى عليه أخرى ثم يفيق، ثم يغمى عليه ثالثة، ثم يقول هذا الحديث؛ لأنه حديث رهيب فعلاً، يقول أبو هريرة رضي الله عنه سمعت خليلي صلى الله عليه وسلم يقول: {أول من تسعر بهم النار يوم القيامة ثلاثه} اسمعوا أيها الإخوة، واحذروا أن يكون أحد منا ممن يخشى عليه أن يكون أحد هذه الأصناف الثلاثة، إنهم ليسوا ثلاثة أفراد، بل هم ثلاثة أصناف من الناس، الأول منهم: رجل قاتل في المعركة حتى قُتل، فيأتي به الله تبارك وتعالى يوم القيامة فيعرفه نعمه فيعرفها، أنه كان شجاعاً قوياً باسلاً مقداماً، فيقول الله تبارك وتعالى له: فماذا عملت فيها؟ فيقول: يا رب قاتلت فيك حتى قتلت، فيقول الله عز وجل له: كذبت! ولكنك فعلت ليقال هو جريء، وقد قيل، ثم يأمر الله عز وجل به فيسحب إلى النار، هذا الحديث -أقول لكم- في صحيح مسلم وهو من الكتب التي أجمعت الأمة على صحتها، الصنف الثاني من الناس: رجل آتاه الله مالاً في الدنيا فأنفق وتصدق، فيأتي به الله يوم القيامة فيعرفه نعمه فيعرفها، فيقول: ماذا عملت فيها؟ فيقول: يا رب أنفقت فيك وتصدقت، فيقول الله عز وجل له: كذبت! ولكنك فعلت ليقال هو جواد، فقد قيل، نصيبه من عمله أنه مدح في الدنيا بهذا العمل لا أكثر، ثم يؤمر به فيسحب إلى النار، ثم يأتي بالثالث: وهو رجل آتاه الله العلم فعِلم في الدنيا وعلَّم، فيأتي به الله تعالى يوم القيامة فيعرفه نعمه فيعرفها، فيقول له: ماذا عملت فيها؟ فيقول: تعلمت فيك العلم وعلمته، فيقول الله عز وجل له: كذبت! ولكنك تعلمت ليقال هو عالم، أو هو قارئ، فقد قيل، ثم يؤمر به فيسحب إلى النار، هؤلاء على لسان الصادق المصدوق هم أول من تسعر بهم النار، إنهم عملوا في الظاهر أعمالاً صالحة في الدنيا، إما جهاداً في سبيل الله، أو إنفاقاً، أو علماً وتعليماً، ومع ذلك هم أول من تسعر بهم النار؛ لأنهم لا يقصدون وجه الله فيما عملوا، إنما قصدوا وجه فلان وفلان من الناس، وهذا هو الشرك والعياذ بالله.