اختيار البيئة المناسبة في تربية الصبي

مهم جداً اختيار البيئة المناسبة، فما هي البيئة المناسبة؟ أولاً: المدرسة، فتختار المدرسة وتتابع، وليس صحيحاً أن تلقي بولدك في المدرسة، ولا تدري ماذا يجري؟! ومن الذي يدرسه؟! وما صفة هذه المدرسة؟! هل هي جيدة، أم ليست بجيدة؟ فينبغي أن يكون بينك وبين المدرسة علاقة، وينبغي أن تزور، ولا مانع أن تأتي إلى الفصل، حتى يعلم الولد أنك أتيت، ويدري المدرسون وتعلم الإدارة بأنك مهتم وتتابع أمر ولدك هذا جزء من البيئة.

ثانياً: الأصدقاء، كل إنسان له أصدقاء، ويذهب بأهله إليهم، فمن المهم أن تختار الأصدقاء الصالحين؛ لأن أولادهم يكونون عوناً لأولادك، فإذا جاء الولد مثلاً مع الولد الآخر، وجدت معلوماتهم متقاربة وأوضاع البيوت متشابهة واهتماماتهم متشابهة.

لكن إن كانت الأخرى: افترض أنك زرت يوماً من الأيام إنساناً غير صالح ولو لحاجة، ومعك أهلك ومعك أطفالك، فعندما يختلط أطفالك بأطفال هذا الرجل يجدون أنهم يأخذون -مثلاً- معلومات عن طريق التلفزيون، وأفلام الكرتون والألعاب المتحركة وعندهم مفاهيم خطيرة، فعندما يصعد ولدك معك في السيارة يقول: لماذا لا يوجد عندنا تلفزيون؟ هذه أول فائدة كسبتها من اختيارك للبيئة المنحرفة!! ولو على سبيل الزيارة مرة واحدة، إذاً لابد أن تختار لأولادك البيئة المناسبة التي يتربون فيها أو من خلالها.

ثالثاً: فيما يتعلق بالبيئة: الشارع، والشارع أمره خطير.

أولاً: ينبغي أن يحرص الإنسان أن لا يخرج أولاده في الشارع؛ لأنك لا يمكن أن تتحكم في الشارع بأي حال من الأحوال.

كيف لا يخرجون؟ حاول أن تغريهم بالبقاء بالبيت بأي وسيلة، هات القصص المناسبة للأطفال، وهي موجودة بحمد الله قصص مفيدة تربي الأطفال، وأشرطة فيها أناشيد، وفيها قصص، وفيها كلام طيب للأطفال، هات لهم ألعاباً ولا مانع من وجود مراجيح ودراجات وأشياء في البيوت يلعبون بها، ويستغنون بها، ولا بأس بإحضار جهاز الكمبيوتر، وهو جهاز مفيد إذا أحسن الأب اختيار البرامج المفيدة للأطفال، وهناك برامج مفيدة للأطفال تدربهم على الحساب والرياضيات، واللغة العربية، وتعليم الدين، وبعض البرامج الترفيهية والمسلية قد لا يكون فيها فائدة كبيرة لكن ليس فيها ضرر أو محظور شرعي، إذا سلمت من الموسيقى، أو من بعض المعاني السيئة.

حاول ما استطعت أن تبقي أولادك في المنزل، ولا يخرجوا إلى الشارع؛ فخروج أطفالك إلى الشارع، يعني أنهم أفلتوا من يدك؛ لأنه كيف تتحكم في الشارع، عندما يأتيك أطفالك من الشارع بالكلام البذيء وبالشتائم وبالسب وبالمفاهيم الخاطئة وبالعادات السيئة، ومن أين يأخذ طفلك الكلمات القذرة والتصرفات المنحرفة؟! إنه يأخذها من الشارع! ولذلك من المهم أن يختار الإنسان الجيران الصالحين بقدر ما يستطيع، فكلما استطاع أن يكون بجوار أناس طيبين وصالحين، كانت هذه من الضمانات المفيدة.

ولذلك نجد في القصص السابقة أن الصحابة رضوان الله عليهم كانوا يأتون بأطفالهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وإلى الصحابة رضي الله عنهم، وكان هذا دأباً معروفاً، حتى كنا نعرف أن المحدثين رحمهم الله كانوا يأتون بأطفالهم لحضور مجلس الحديث.

فيقال: حضر فلان، وفلان، وربما يكون صبياً وربما يكون رضيعاً، ومنهم من يكون صبياً، لكنه يستطيع أن يتحمل؛ مثلما كان عمرو بن دينار يؤتى به إلى المجلس وهو صبي صغير يقول: كانوا يأتون به إلى المجلس وجهه كالدينار وطوله سبعة أشبار وأقراطه كآذان الفأر، فإذا جاء قال: افسحوا للشيخ الصغير فيفسحون له ويجلس بينهم فيتحمل، والرسول صلى الله عليه وسلم تحمل عنه الصغار كما قال محمود بن الربيع، -في روايته- في الصحيح: عقلت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مجة مجها في فمي من بئرٍ، كان في دارنا وأنا ابن أربع سنين، فالرسول صلى الله عليه وسلم -مج- أي تمضمض بماء ثم وضعه في فم هذا الصبي فعقلها، وذكرها يوم كبر ولم ينسها، فكان من عادة المحدثين، أن يأتوا بأولادهم وصغارهم العلم، وحلقات الذكر، حتى يحضروا، ويستفيدوا، ويكتب ذلك أحياناً في مجالس السماع، وحضر فلان وفلان، وكانوا يحضرون وهم صبيانٌ صغار.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015