العدل في الأقوال

رابعاً: لا بد من العدل في الأقوال، ومن العدل ألا تحمل الجميع وزر الواحد، يقول الله تعالى في القرآن: {أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [النجم:38] وقال: {وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام:164] فلا تحمل أحداً وزر غيره، ولا يؤخذ أحد بجريرة سواه، ولا يعد خطأ الأتباع من الدهماء والرعاع جارياً على غيرهم، ولا داعي لكثرة ذكر أخطاء الأتباع، وترديدها، وتناقلها؛ لأن الأتباع موجودون في كل أمة، وفي كل جيل، وفي كل مذهب، وفي كل نحلة، وكما أننا لا نرضى أن يحمل أحد المذهب نفسه أخطاء الأتباع الذين حصل عندهم تقصير، أو إسراف، أو جهل، أو غير ذلك، هكذا لا ينبغي أن نحمل أحداً خطأ أتباعه.

افترض أن هناك عالماً له أتباع مثل التلاميذ الذين يتلقون العلم عليه، وحصل عندهم تقصير، أو ظلم للنفس، أو تعصب، أو هوى، لا تقل أتباع الشيخ الفلاني الله يهديهم هذا الشيخ بذل وسعه، فهذا خطأ الأتباع -أو بالأصح بعض الأتباع- فلا يصح أن تنقلها وتجعلها من باب الحط من قدر هذا الشيخ، أو التنقيص من قدره، أو ظلمه، أو ما أشبه ذلك، فالأتباع يقع منهم مثل ذلك، والسبيل في ذلك هو النصيحة، وهناك جزء من ذلك قد يقول الإنسان: إنه لا بد منه، ولا حيلة فيه، فالخطأ موجود، والظلم موجود، وحتى أتباع إمام الأئمة، محمد صلى الله عليه وسلم اعترى بعضهم ما اعترى من الإفراط والتفريط، وقد ينسبون ما حصل منهم من إفراط أو تفريط إلى هذا الدين بلا دليل.

إذاً، من العدل ألا تحمل المتبوع وزر التابع، ولا تحمل الجميع وزر الواحد، ومن العدل -أيضاً-: ذكر الخطأ والصواب جنباً إلى جنب، وعدم جحد الحق، أو إغفاله، فمثلاً: حين تتكلم عن بعض إيجابيات ما يعرف بالجماعات، أو التجمعات، أو الجمعيات الإسلامية، من الطبيعي أن تذكر بعض الإيجابيات، بل الأولى أن تبدأ بها حتى يتبين أنك مخلص، ناصح، صادق، عادل.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015