أحاديث يطلب من الباحث تخريجها مع فوائد نفيسة

ونستغل ما بقي من هذا الشريط في إشارات سريعة لبعض الأحاديث التي ينبغي للطالب تخريجها، وبعض الإرشادات المتعلقة بها، كطريقة عملية للاستفادة من تحفة الأشراف.

بين يدينا -الآن- عدد من الأحاديث، نفترض أن الطالب أو الباحث يريد أن يخرج بعضاً منها أو كلها فكيف له أن يخرج هذه الأحاديث؟ أعرض هذه الأحاديث، ثم أبين طريقة تخريج كل حديث منها باختصار، مع أننا ذكرنا ما يتعلق بالطريقة من حيث الإجمال إنما سوف أذكر بعض المشكلات التي تتعلق بالحصول على الحديث في موضعه من التحفة، فعندنا -مثلاً- عن أبي صالح، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال، ثم ذكر الحديث إلى قوله: {الإيمان بضع وسبعون، أفضلها قول لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق} رفع الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم، هذا الحديث الآن في مسند أبي هريرة، وأرجو أن نكتب هذا الحديث مرة أخرى عن أبي صالح عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: {الإيمان بضع وسبعون، أفضلها قول لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق} والحديث كما هو واضح هو في مسند أبي هريرة، ولكننا نجد أن مسند أبي هريرة هو في الكنى في المجلد التاسع، ويأخذ المجلد العاشر بكامله، وجزءاً من المجلد الحادي عشر، فإن لي أن أبحث عن هذا الحديث في حوالي مجلدين هنا نجد أن الإشكال حل عن طريق، وجود التابعي الراوي عن أبي هريرة، وهو أبو صالح السمان، فابحث في مسند أبي هريرة، في مرويات أبي صالح السمان، تقول: وكيف أبحث عن مسند أبي صالح؟ فأقول: انظر في أول المجلد، وليكن المجلد التاسع الذي فيه أبو هريرة رضي الله عنه، تجد أن المحقق جزاه الله خيراً من ضمن الأعمال الجليلة التي قام بها أنه وضع مسرداً لأسماء التابعين الرواة عن أبي هريرة، مرتبة أسماؤهم على حروف المعجم.

فتجد في أول كل مجلد: اسم الصحابي الذي يوجد مسنده في هذا المجلد، ثم أسماء الرواة من التابعين عنه، مرتبة على حروف المعجم، وميز اسم التابعي بأن وضع قبالته: نجمة واحدة صغيرة، فإن وجد تابعي التابعين، رووا عن التابعين، وضع أسماءهم -أيضاً- في مواضعها مميزة بنجمتين صغيرتين، ثم أتبعهم بثلاث نجمات صغيرة، وهكذا فانظر في من بين يديك، الراوي عن أبي هريرة بطبيعة الحال لا بد أن يكون إما صحابي أو تابعي، هنا لا يعنيه إن كان صحابياً أو تابعياً، فهو يضع قبالته نجمة واحدة صغيرة، يعني أنه روى عن أبي هريرة مباشرة، فانظر فيمن قبالتهم نجمة صغيرة، حتى تصل إلى اسم أبي صالح، وابحث في مسنده حتى تصل إلى هذا الحديث، ثم انظر إلى الإحالات التي أحالك إليها، وخرج هذا الحديث.

انتقل بعد ذلك إلى حديث آخر: عندنا حديث عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {أيما رجل مسلم أكفر رجلاً مسلماً، فإن كان كافراً؛ وإلا كان هو الكافر} هذا الحديث في مسند ابن عمر، ومسند ابن عمر تجده في المجلد الخامس أو السادس، فإذا نظرت إلى الراوي عن ابن عمر وجدته نافعاً، فالغالب أن يكون في المجلد السادس؛ لأن حرف النون من آخر الحروف، وعليك الانشغال بباقي تخريج هذا الحديث.

وكذلك عندنا حديث آخر عن عائشة رضي الله عنها: {أن النبي صلى الله عليه وسلم، أخر طواف الزيارة إلى الليل} عن عائشة رضي الله عنها وهنا نشير إلى أن مسانيد النساء موجودة في آخر مجلدات التحفة، مرتبة أيضاً على حروف المعجم.

وعندنا -أيضاً- حديث عن عمران بن حصين، أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: {خير القرون قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم} فهذا الحديث نجده في مسند عمران بن حصين في المجلد الثامن من التحفة، ولتسهيل البحث عن هذا الحديث في مسند عمران، مع أن مسند عمران بن حصين ليس بالطويل جداً.

أقول: لتسهيل الحديث أذكر أن الراوي عن عمران بن حصين هو زرارة بن أوفى.

وعندنا -أيضاً- حديث عن رجل من بني سليم، أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال -فذكر حديثاً طويلاً إلى قوله-: {والصوم نصف الصبر} فهنا نجد مشكلة ما، وأظن أن هذه المشكلة واضحة من خلال الحديث، وهي أن الصحابي الذي روى هذا الحديث لم يسم، لم يقال: عن فلان عن أبي هريرة -مثلاً- أو عن أبي سعيد، أو عمر بن الخطاب وإنما قيل: عن رجل من بني سليم، فإين نجد هذا الرجل من بني سليم؟ هاهنا سؤال، وهو إشكال -فعلاً- لمن لم يجرب التخريج في التحفة، فأقول: الجواب على ذلك: أن الحفاظ المزي رحمه الله -بعدما أنهى مسانيد الصحابة رضوان الله تعالى عليهم- بما فيها الكنى، وقبل أن يدخل في مسانيد الصحابيات؛ وضع باباً للمبهمات، فما هو المقصود بالمبهمات؟ المقصود بالمبهمات، هي: الأحاديث التي لم يذكر اسم صحابيها، ولا نعرف على وجه التحديد اسمه، مثل: عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، عن رجل من بني فلان، عن جدة فلان، عن عمة فلان، وهكذا.

وهذا الفصل في التحفة يبدأ في المجلد الحادي عشر -وهنا أرجو المتابعة معي- صفحة [123] قال: فصل ومن مسند جماعة من الصحابة، روي عنهم فلم يسموا رتبنا أحاديثهم على ترتيب أسماء الرواة عنهم.

فلو طلب منا تخريج حديث عن رجل من بني سليم لم نستطع أن نستفيد من التحفة، إلا أن يعطى لنا اسم الراوي عن هذا الرجل من بني سليم، فأقول: إن الراوي عن هذا الرجل من بني سليم، هو: جريّ بن كليب النهدي، كما نجد هذه الرواية، في سنن الترمذي، في المجلد الخامس، صفحة [536] باب: في كتاب الدعوات باب رقم [87] قال في الحديث رقم [3519] : حدثنا هناد، حدثنا أبي الأحوص، عن أبي إسحاق قال في المطبوعة، عن جرير النهدي عن رجل من بني سليم، ولا شك أن هذا تحريف فاسمه جريّ النهدي كما نجد ذلك صحيحاً في تحفة الأشراف المجلد الحادي عشر، جريّ بن كليب النهدي رقم المسند [685] صفحة [132] قال: جري بن كليب النهدي عن رجل من بني سليم، ثم ذكر له حديثين: الحديث الأول في [132] رقم [15539] والحديث الآخر في صفحة [133] رقم [15541] وفيه، قال طرف الحديث: {عدهن رسول الله صلى الله عليه وسلم في يدي أو في يده التسبيح نصف الميزان} ثم وضع ثلاث نقط، علامة وجود بقية المتن المحذوف، ثم قال: الحديث، أي: إلى آخر الحديث، ثم قال: [ت، في الدعوات] أي: رواه الترمذي في الدعوات [92: 1] يعني: في الباب رقم [92] الحديث الأول، ويظهر من هنا وجود فارق بين رقم الباب الذي في التحفة، وبين رقم الباب الحقيقي في سنن الترمذي، حيث يكون الرقم [87] الفرق سبعة أبواب، وهو فرق يسير يمكن تلافيه، ثم قال: عن هناد أبي الأحوص عن أبي إسحاق عن جريّ النهدي به، وقال: حسن، إلى آخر ما قال، وهنا يتضح -أيضاً- من خلال هذا الأنموذج ما سبق أن أشرت إليه إشارة عابرة من أنه قد يوجد -أحياناً- نوع اختلاف بين الطرف الذي تبحث عنه وبين الطرف الموجود، فالطرف المعطى لك في الأصل هو: {الصوم نصف الصبر} والطرف الذي تجده في التحفة {عدهن رسول الله صلى الله عليه وسلم، في يدي أو في يده، التسبيح نصف الميزان} ثم وضع نقط للمحذوف ومن المحذوف قولنا- نقلنا في الحديث-: {الصوم نصف الصبر} لكن من خلال الثروة الحديثية أو -أحياناً- يكون من خلال الحدس يكتشف الإنسان علاقة الطرف الذي بين يديه بهذا الطرف الموجود، خاصة أنه ليس هناك في مسند جري بن كليب النهدي إلا هذا الحديث، أو حديث آخر ليس له علاقة بهذا الطرف الذي هو بين أيدينا.

عندنا من الأحاديث التطبيقية -أيضاً- حديثان عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، وأبو سعيد هنا لا بد من البحث عنه في قسم الكنى، لكن سنجد أن الحافظ المزي في الكنى أحالنا إلى موضع مسند أبي سعيد في الأسماء، حيث أن اسم أبي سعيد هو سعد بن مالك بن سنان الخدري.

فإذاً هو في المجلد الثالث.

عندنا عن أبي سعيد حديثان: الحديث الأول عن أبي صالح، عن أبي سعيد، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {لا تسبوا أصحابي} الحديث، فهذا الطرف عندنا، أو هذا الحديث رواه عن أبي سعيد أبو صالح، إذاً دائرة البحث لا بد أن تحصر في مسند أبي صالح عن أبي سعيد.

وعندنا حديث آخر عن أبي نضرة عن أبي سعيد أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: {تمرق مارقة عند فرقة من المسلمين} فلو نظرنا في مسند أبي صالح، وفي مسند أبي نضرة كليهما عن أبي سعيد؛ لوجدنا أبا صالح يجب أن يأتي- أولاً- قبل أبي نضرة لأن حرف الصاد قبل حرف النون، وهذا يسهل الحصول على هذه الأحاديث في موضعها من التحفة.

وأخيراً عندنا حديثان: الحديث الأول: عن يحي بن يعمر قال: {أول من تكلم في القدر في البصرة معبد الجهني فانطلقت أنا وحميد بن عبد الرحمن، فوُفِق

طور بواسطة نورين ميديا © 2015