تلخيص طريقة التخريج

ويمكن في نهاية تخريج هذا الحديث [الأنموذج] أن ألخص الطريقة في كلمات يسيرة: فعندما يطلب منك تخريج حديث بواسطة التحفة، لا بد أن تكون عالماً باسم صحابي الحديث، وإن علمت باسم راوي الحديث عن هذا الصحابي، فهذا أيسر لمهمتك، فإذا عرفت اسم الصحابي الذي روى هذا الحديث، فابحث عن اسمه في التحفة، وأسماء الصحابة موجودة على ظهر كل مجلد، يوجد -مثلاً- في المجلد التاسع، في ظهر المجلد التاسع اسم [ناجية] أبو هريرة، في كعب المجلد، ومعنى هذا أن المجلد التاسع يبدأ -وأرجو أن ننتبه لهذه النقطة المهمة- باسم [ناجية] وينتهي بـ أبي هريرة، لكن هل معنى ذلك أن المجلد لا يوجد فيه إلا اسم [ناجية] واسم أبي هريرة فقط؟

صلى الله عليه وسلم لا.

بل يوجد فيه جميع الأسماء التي بعد [ناجية] والأسماء التي قبل أبي هريرة -يعني من الكنى-.

فمثلاً: نجد فيه وائل بن حجر لأن وائل بعد [ناجية] ويوجد فيه وهب بن عبد الله، لأن وهب بعد [ناجية] ويوجد فيه يعلى بن أمية وأبو أمامة الأنصاري، لأن أبا أمامة في الكنى قبل أبي هريرة لأن الهمزة قبل الهاء، وهكذا فالأسماء التي توجد في كعب المجلد ليس معناها أنه لا يوجد في المجلد غيرها، بل معناه أنه يضع لك في ظهر المجلد، أول اسم وآخر اسم، وأنت بإمكانك بسهولة من خلال حفظك لحروف الهجاء وترتيبها وتسلسلها، أن تعرف الاسم الذي معك، هل هو في هذا المجلد أم لا.

فمثلاً: إذا كان [ناجية] فهو في المجلد التاسع، وإذا كان أبو هريرة قد يكون في المجلد التاسع وقد يكون فيما بعده لأن أبا هريرة يستغرق المجلد التاسع وما بعده، ولا يقتصر على المجلد التاسع، لو فرض أنه وائل بن حجر -مثلاً- بحثت في جميع المجلدات لا تجد في الكعب اسم وائل بن حجر، لكن انظر حرف الواو، الذي يبدأ فيه اسم الصحابي وائل بن حجر، فهذا الحرف يأتي بعد النون.

ومادام أن [ناجية] في المجلد التاسع وبعده في نفس المجلد تنتهي الحروف وتبدأ الكنى؛ لا بد أن يكون وائل بن حجر في المجلد التاسع وأيضاً أبو موسى مثلاً، في الكنى لا بد أن يكون قبل أبي هريرة لأن الميم قبل الهاء، إذاً أبو موسى تجده -أيضاً- في المجلد التاسع قبل أبي هريرة، وقد لا يعطيك مسند أبي موسى بكامله في المجلد التاسع، لكنك سوف تجد إما المسند نفسه أو ما يدلك عليه، فـ أبو موسى الأشعري ارجع -مثلاً- إليه في المجلد التاسع، وابحث عن حرف الميم مع كلمة أبو: أبو سلامة -مثلاً- أبو شريح، أبو قتادة، لا زلنا لم نصل حرف الميم، أبو لبابة، أيضاً لم نصل حرف الميم، أبو المعلى نجد صفحة [290] وأرجو أن نفتح هذه الصفحة، في المجلد التاسع من التحفة، صفحة [290] نجد: ومن مسند أبي موسى الأشعري واسمه عبد الله بن قيس، ورقم هذا المسند رقم [315] يقول لك تقدم في حرف العين لأن اسمه عبد الله بن قيس، إذاً تجد اسمه في حرف العين، في مسند عبد الله بن قيس، ثم ذكر لك: موضع الإحالة، قال: تقدم في حرف العين [ح] أي: حديث [8978] إلى [9153] وبإمكانك بسهولة أن تحصل على رقم هذا الحديث: [8978] من خلال التسلسل؛ لأننا عرفنا أن أرقام الأحاديث في التحفة، كلها مسلسلة.

فعندما يكون معك اسم الصحابي راوي الحديث، تبحث بهذه الطريقة حتى تصل إلى الموضع الذي يوجد فيه مسند هذا الصحابي، فإن لم يكن معك إلا اسم الصحابي فقط، فمعنى ذلك أنك مضطر إلى أن تراجع جميع الأحاديث الموجودة في هذا المسند حديثاً حديثاً، حتى تصل إلى الحديث الذي تريد، وإن كان معك اسم الراوي عن الصحابي، فإن دائرة البحث تكون أضيق، فإن كان اسم الراوي عن الراوي عن الصحابي موجود أيضاً، فإن الدائرة تضيق، وهكذا، وكل هذا مرتب على حسب حروف الهجاء، أ، ب، ت، ث فإذا بحثت بهذه الطريقة، وجدت الموضع الذي ذكره فيه المزي، وذكر لك طرف الحديث، وقد يختلف الطرف الموجود -أحياناً- عن الطرف الذي معك فأنت بمعلوماتك عن هذا الحديث قد تجد من الميسور أن تعرف أن هذا هو الحديث الذي تريد وإن كان ذكر طرفاً ليس معك -أحياناً-.

وفي الغالب أنك تجد نفس الطرف المطلوب منك تخريجه بنفسه موجوداً في التحفة، فانقل الإحالة هاهنا إذا كانت قصيرة أو متوسطة، فإذا كانت الإحالة طويلة فانقل ما يهمك منها، وبإمكانك أن تحتفظ بموضعها لحين الحاجة إليه، ثم بعدما تنقل الإحالات الموجودة في التحفة، مع الأرقام التي أعطاكها محقق التحفة، تبدأ بعد ذلك بالتخريج التفصيلي، بمعنى تطبيق هذه الإحالات على مواضعها من الكتب الأصول، فهو أحالك -مثلاً- إلى البخاري أو مسلم، كتاب كذا اسم الباب كذا، باب كذا رقم الحديث -أحياناً- كذا، فتبدأ هنا بالبحث في الكتب الأصلية (الكتب الستة) للحصول على موضع الحديث في الكتب الأصول، وكلما بحثت بالطريقة التي أشرنا إليها سابقاً وطبقناها على حديث واحد وصلت إلى موضع الحديث في البخاري، تذكر هذه الإحالة بمنتهى الدقة، فتشير إلى اسم الكتاب، ورقم المجلد، ورقم الجزء ورقم الصفحة، ورقم الكتاب، ورقم الحديث، وتشير إلى طرف متن الحديث.

وقد يقول قائل: ما دام أننا قلنا وقررنا أن أرقام الكتب وأرقام الأبواب، تختلف من طبعة إلى أخرى، فما هي الفائدة من الإحالة؟ فأقول: يجب -مع هذه الإحالات كلها- أن تشير إلى الطبعة التي اعتمدت عليها، والسر في ذلك من أجل أن يسهل على من أراد أن يتتبع عملك ويعرف مدى دقتك في هذا العمل، أن يسهل عليه متابعتك ومعرفة مدى الدقة، أو عدم الدقة في هذا العمل، هكذا تحصل على التخريج الكامل لهذه الأحاديث، والحقيقة أنه مهما قلنا، فإنه لا بد من المراس العملي، الذي يعطي الطالب فوائد عملية لا يمكن أن تعطى له من خلال الكلام النظري، فمن واجب الباحث والطالب الذي يريد أن يتخرج -فعلاً- في فن التخريج، من الواجب عليه، أن يقوم بتخريج عدد من الأحاديث، وإذا واجه مشكلات يحاول أن يحلها، وإذا فشل اعتمد على غيره، وسأل من هو أدرى منه في هذا الفن، حتى يكشف له عن موضعها، ويبين له سبب عجزه عن التخريج، وهكذا حتى يكتسب الطالب مراساً وخبرةً في هذا الفن، وقدرة على الاستفادة من كتاب تحفة الأشراف، هذا هو أكثر ما يمكن أن أقوله فيما يتعلق بطريقة تخريج الحديث بواسطة: تحفة الأشراف، وعن طريق معرفة صحابي الحديث، ثم من روى عن هذا الصحابي.

وهناك بطبيعة الحال طرق أخرى، ذكرت في مقدمة هذا الشريط، أنني سوف أتعرض لطريقة واحدة منها فقط، وهي طريقة التخريج بواسطة المعجم المفهرس لألفاظ الحديث النبوي، ونظراً لضيق هذا الشريط فإنني سوف أسجل ما يتعلق بالتخريج عن طريق المعجم المفهرس في شريط آخر -إن شاء الله-.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015