الثانية: أن الناس يعانون من الفراغ، أو كثير منهم يعانون من الفراغ، ليس عندهم ما يشتغلون به، لا من الأمور الدنيوية من صنعة اليد أو غير ذلك، ولا من الأمور الشرعية من التعلم والتعليم والجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
وخاصةً الصالحين فربما يكون الفراغ عندهم أكثر من غيرهم، لأنهم ليسوا مقبلين على الدنيا، ولا منهمكين فيها، وأمور الخير اليوم قلت، فمن يريد أن يتعلم قد لا يجد المجالات التي تملأ فراغه، ومن يريد أن يدعو وينكر قد لا يجد الوسائل الممكنة دائماً، فيكون عنده شيء من الفراغ -والفراغ ولا شك- قاتل، وهو مدعاة إلى الانشغال بالكلام، نملأ الفراغ بالكلام في فلان وعلان، وقيل وقال، نعبئ بهذا الكلام الفراغ، ونعتقد أننا على شيء، لأننا نعتبر أن هذا غيبةٌ في الله! وكلام في بيان الحلال، والحرام، والحق، والباطل وإلخ.