وعبر عصور التاريخ كان يحصل أشياء من ذلك؛ حتى إنني قرأت في البداية والنهاية لـ ابن كثير: أن رجلاً ذهب مع المسلمين، وكان عالماً حافظاً للقرآن، وكان طيلة ذهابه معهم في الغزو يقرأ القرآن الكريم، فلما نزلوا قريباً من إحدى مدن الروم رأى هذا الشاب فتاة جميلة حسناء تطل، فنظر إليها نظرة؛ فوقع حبها في قلبه، فأعجب بها، وذهب إليها وجلس عند الروم، وافتقده الجيش، وسألوا عنه، فأخبروا أنه ذهب إلى الروم وجلس عندهم، فلما رجعوا إلى تلك القرية بعد الغزو وجدوا هذا الرجل يطل عليهم، فقالوا له: ما فعل الله بك، فأخبرهم: أنه قد ارتد بعد إسلامه، فقالوا: أين القرآن الذي كنت تحفظه؟ قال: لم يبق عندي منه إلا آية واحدة! قالوا: وما هي؟ قال هي: {رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ} [الحجر:2] .
ولقد كان الإسلام عبر عصور التاريخ كلها عزيزاً بأهله، وبرجاله، عزيزاً بدوله، وعلمائه، ولذلك كانت الصورة الغالبة والكثيرة أن الكفار كانوا في الإسلام يدخلون في دين الله أفواجاً لأنهم يرون الحق، ويرون مع الحق القوة.