فقد كان أبو بكر رضي الله عنه، يتكلم بكلمات معدودة في خطبه، وقف يوماً على المنبر فقال عقب وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم: [[من كان يعبد محمداً فإن محمداً صلى الله عليه وسلم قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت، ثم تلا قول الله عز وجل: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ} [آل عمران:144] ثم استغفر ونزل]] وقام مرة أخرى فخطب، فقال: [[القوي فيكم ضعيف حتى آخذ الحق منه، والضعيف فيكم قوي حتى آخذ الحق له إن شاء الله]] ثم سلم ونزل.
عثمان رضي الله عنه لما وُلِّيَ الخلافة صعد المنبر ثم حمد الله وأثنى عليه فقال: [[أنتم إلى إمام فعال، أحوج منكم إلى إمام قوال، ثم استغفر ونزل]] لا يحتاج إلى خطب طويلة رنانة، وأقوال مكررة ومرددة وتشدق بالقول، بل كلمات معدودة ومحدودة ويسيرة وواضحة، حدد فيها رضي الله عنه ملامح الحياة التي سوف يعيشها، والأسلوب الذي سوف يسلكه مع المسلمين.